صدر للمناضل اليساري المفكر علال الأزهر المنبهي، أخيرا كتاب بعنوان ” شهادات حية من الماضي السياسي ” الجزء الثاني في اطار سلسلة مذكرات، التي ينشرها هذا المناضل القيادي في منظمة 23 مارس، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، الحزب الاشتراكي الديمقراطي ومنه الى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، و الذي قضى خمسة عشرة سجنا ( 1974 – 1989 ) بعد الحكم عليه بثلاثين سنة سجنا نافذة رفقة العديد من المناضلين اليساريين ( مجموعة 74 السرفاتي ومن معه ) في مقدمتهم رفيقيه الفقيدين ( عبد السلام المؤذن و العربي العلمي ) و عبد العالي بنشقرون متعه الله بالصحة و العافية، فضلا عن مناضلين بمنظمة الى الأمام مجموعة الفقيد ابراهام السرفاتي و آخرون.
مذكرات علال الأزهر تنبش في اعماق شخصية كاتبها وتسرد العوامل والمحطات الأبرز في تكوينها اجتماعيا و سياسيا و إنسانيا، مذكرات تحكي مراحل حلم جيل باكمله من المناضلين اليساريين من اجل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، و تجارب إنسانية ونضالية غنية بالعبر، مذكرات تطبعها شخصية كاتبها الصادقة، الوفية، المرحة والحكيمة في الوقت ذاته وهي سمات لا تخفى عن من عاشروه سواء انسانيا او خلال اكثر من خمسين سنة من النضال السياسي بمختلف محطاته .
يقول علال الازهر على ظهر الكتاب من القطع متوسط : في الجزء الأول الذي غرق في تفاصيل أحداث ووقائع تجربة السجن المركزي بالقنيطرة والتي كتبتها في السجن آنذاك مباشرة وتم نقلها كما صغتها في الأصل ، هذه التجربة لا تعبر عن حقيقة السجن كفاعل مؤثر ومستقل عن الآراء والمواقف والخلافات الأيديولوجية والسياسية . فهو ليس مجرد سور يحد بين الفرد والحياة خارج السجن ، بل إنه معاناة نفسية ووجودية تحاصر السجين في كل لحظة وحين ، وكلما طالت مدة السجن كلما تراخت قوة المقاومة والصمود . فقد لجأت أغلبية السجناء في لحظة ما إلى المطالبة بإطلاق السراح الذي لم يكن يفكر فيه من قبل على اعتبار أن الصمود ومواجهة النظام هي الوسيلة الثورية لرفع المعنويات . كما بدأ البعض يفكر في البحث عن أية وسيلة للخروج من هذا الحصار الضيق والذي يجعل السجين يعيش لمدة طويلة في نفس المكان وربما نفس اللحظات . كان السجن بهذا المعنى يقتل دون رحمة الإرادة الحرة للسجين لا فرق لهذه الحالة بين سجناء الحق العام والسجناء السياسيين رغم الفرق في بعض الامتيازات .
بعد هذه الملاحظات لنبدأ إذن في الحديث عن التجربة السياسية بعد إطلاق السراح من السجن .