محمد نجيب كومينة
بعد مضي شهرين على زيارة ماكرون، حلت بالجزائر الوزيرة الاولى الفرنسية رفقة 16 وزيرا، فيضان فرنسي. من حق فرنسا ان تقيم علاقات عادية او استثنائية مع اي دولة، و ان تعمل على انهاء سوء التفاهم مع الجزائر او غيرها، لان الامر يتعلق بقرارات سيادية تعرف فرنسا جيدا ربما ما الاهداف التي تتوخاها منها.
لكن السؤال الذي يثور الان ويفرض نفسه بالنسبة لنا في الظروف الحالية يمكن ان يصاغ على النحو التالي: هل تطوي فرنسا صفحة سوء التفاهم التاريخي مع الجزائر بتعميق سوء التفاهم مع المغرب و السير بالعلاقات الفرنسية المغربية نحو ازمة غير مسبوقة؟
يصعب استباق الاحداث و تقديم جواب على هذا السؤال، حتى وان كانت بعض وسائل الاعلام الفرنسية تركز لحد الان على الغاز والتاشيرات، غير انه لا بد من التذكير بان العلاقة بين فرنسا والجزائر يحكمها اللاوعي الى جانب وعي المصالح الانية. ففرنسا بالنسبة للنخبة الجزائرية الحاكمة هي الاب الذي لم يتات الاستقلال عنه بشكل كامل، اذ تستبطن تلك النخبة الجزائر الفرنسية و استعمالها لمفاهيم ك”القوة الضاربة” و “القوة العظمى” ناتج عن هذا الاستبطان المرضي لمنطق المستعمر المؤسس مثلما كان الامر بالنسبة لاستعمال مفهوم “المحافظة على الحدود الموروثة عن الاستعمار”، والجزائر بالنسبة لفرنسا هي تلك الاراضي استعمرتها و وسعتها بالاقتطاع من اراضي الجيران وكانت تعتزم البقاء فيها الى الابد وان تسيطر من خلالها على مستعمراتها السابقة التي خرجت منها بالمقاومة و بالقرار الاممي القاضي بانهاء الاستعمار، والى جانب حرصها على ارتباط الجزائر بها والحنين الى زمن الاستعمار، الذي دام 132سنة، فان فرنسا تحلم بتحالف مع النظام الجزائري، الذي ترغب زيارات المسؤولين الفرنسيين في دعم طرف داخله، يمكنها من التزود بالطاقة ودرء الاخطار الناجمة عن الازمة الطاقية التي بدات معالمها تظهر و ايضا، وخصوصا، من الدفاع على نفوذها في منطقة الساحل وافريقيا عامة وحماية الميثاق الاستعماري من السقوط، خصوصا وان الجزائر الفرنسية تتجه الى ان تكون راس حربة لروسيا التي تمدد نفوذها الى مالي وافريقيا الوسطى و غيرها مباشرة او بواسطة المرتزقة.
لكن ما تحلم به فرنسا ليس سهل المنال، في بلد يعاني من هشاشات متعددة تفاقمت مند العشرية الدموية ومن حالة شك خطيرة. و رغم معرفة النظام الجزائري بالموقف الفرنسي، فان ثمن الغاز وغير الغاز الذي يسعى الى قبضه هو تغيير هذا الموقف و جر فرنسا الى اتخاذ مواقف عدائية تجاه المغرب ووحدته الترابية في مسعى للتعويض عن الخسائر المترتبة عن الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء وموقف الدولة الذي اتخذته اسبانيا واحيطت هيئة الامم المتحدة علما به، و مواقف اغلبية دول العالم، وفي مقدمتها الدول العربية. فهل فرنسا مستعدة لدفع هذا الثمن؟ من المؤكد ان الاستابليشمونت الفرنسية تعرف ان هذا الثمن باهض جدا وغير قابل للتحمل، ولها، مالم تكن الامور قد تردت داخلها هي ايضا، ان المغرب شريك مسؤول وموثوق لفرنسا والاتحاد الاوروبي والعالم، وان هناك ديناميات لا يمكن توقيفها تعرفها المنطقة والقضية الوطنية للشعب المغربي، وان الجزائر حاليا محكومة من طرف الهبال الذين يراكمون الفشل و يتصرفون من منطلق الحقد والهبل و لا يمكن لعاقل ان يراهن على اهبيل موضر الفردة و تائه في متاهات تاريخ من العقد .