تحت شعار: ” الاستقرار الوظيفي شرط لضمان بيئة تعليمية فعالة “، تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة والوكالات المشاركة في اليوم العالمي للمعلمين ( وهي منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الدولي للمعلمين)، في الخامس من أكتوبر اليوم العالمي للمعلمين والمعلمات إحياء للتوصية المشتركة بين منظمة العمل الدولية واليونسكو في عام 1966 بشأن أوضاع المدرسين والمدرسات، المحددة للمعايير الدولية لرسم السياسات التعليمية ولشروط التكوين والتوظيف وحقوق ومسؤوليات المدرسين.
واستحضارا للدور الهام الذي لعبه ويلعبه المدرسون والمدرسات، بعد عام ونصف من بداية جائحة كوفيد 19، لتأمين استمرارية التعليم، ولمجهوداتهم المبذولة على مستوى تعديل وتكييف خطط التدريس، اختارت اليونسكو موضوع سنة 2021 “المعلمون في صميم إحياء التعليم”؛ وذلك لتسليط الضوء على دعم احتياجات المعلمين والمعلمات للمشاركة الكاملة في عملية التعافي من جائحة كوفيد-19. وبناء قدرتهم على الصمود، وإعادة التفكير في التعليم في مرحلة ما بعد الجائحة. ويتزامن احياء هذه اليوم مع اجتماع لجنة الخبراء المشتركة بين منظمة العمل الدولية واليونسكو بشأن تطبيق التوصيات المتعلقة بالعاملين في التدريس (CEART)، الذي سيعقد في الفترة من 4 إلى 8 أكتوبر 2021.
وتخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اليوم العالمي للمدرس/ة لهذه السنة، تحت شعار: “الاستقرار الوظيفي شرط لضمان بيئة تعليمية فعالة”. في سياق الاوضاع التي تعيشها بلادنا وشعوب العالم جراء استمرار تفشي وباء كرونا المستجد، والذي كانت له انعكاسات وخيمة على تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلمات، في ظل غياب الوسائل التقنية والمعلوماتية لاعتماد التعليم عن بعد، وضمان تعليم جيد ومجاني للجميع، ليزيد هذا الوضع من حدة المشاكل البنيوية الأخرى لمنظومة التربية والتكوين، حيث لا تزال الدولة المغربية تمعن في المزيد من ضرب الحق في التعليم، وتكريس الهشاشة في الشغل عبر توظيف المدرسين والمدرسات بالعقدة، وبدون تكوين مهني قادر على تهيئهم لممارسة أدوارهم الريادية في الإنماء الكامل لشخصية المتعلم، وإقصاء المدرسين من المساهمة في صياغة السياسات التعليمة والمناهج التربوية، وتقزيم الأدوار المحورية المنوطة بالمدرسين على مستوى التعليم والتوعية بالمبادئ الانسانية.
واعتبارا من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لحق الجميع في التعليم دون تمييز، وأن لا تنمية ولا تقدم بدون تعليم ديمقراطي يضمن تكافؤ الفرص والمساواة، ويلبي طموحات وتطلعات نساء ورجال التعليم في تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية، وتوفير الشروط الملائمة لتأدية رسالتهم النبيلة على أكمل وجه خاصة في ظل الاوضاع الصعبة التي لازال يعاني منها كافة نساء ورجال التربية والتكوين، فإنها تعبر عن قلقها عما آلت إليه أوضاع التعليم، المتجلية في:
— تنامى الخصاص الذي يعرفه القطاع في الأطر التربوية والإدارية، نتيجة ضعف عدد المناصب المخصصة للقطاع وتقلصها سنويا، وإقرار نظام التعاقد كبديل لذلك، مقابل تقاعد الآلاف من المدرسات والمدرسين والرفع من أعداد المستفيدين من التقاعد النسبي دون تعويضهم؛
— اتساع دائرة الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة، حيث كشفت أرقام رسمية صادرة عن وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أن 304 آلاف و545 تلميذا كانوا ضحايا الهدر المدرسي السنة الماضية 2020، وذلك بسبب الفوارق المجالية، مما يقوي ارتفاع نسبة الأمية ويشجع على تشغيل الأطفال، وانتشار الأمراض الاجتماعية وتقليص إمكانية دمجهم اجتماعيا؛
— الاستهداف الممنهج لمكتسبات العاملات والعاملين بالقطاع وتحميلهم تداعيات الأزمة الاقتصادية المتفاقمة بفعل الجائحة (تجميد الأجور والترقيات، إصلاح التقاعد، التشغيل بالعقدة، تمرير قانون الإضراب والنقابات ومدونة التعاضد، تفكيك قوانين الوظيفة العمومية…)؛
— تأزم أوضاع العاملات والعاملين بالقطاع، في غياب حوار قطاعي جدي وقانون أساسي محفز وعادل، حيث تمعن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، على نهج أسلوب التسويف والتماطل في حل ملفات كافة فئات التربية والتكوين التي لا تزال تعاني الأمرين خاصة الفئات الهشة في القطاع (مربيات ومربي التعليم الأولي، القطاع الخاص…)، في غياب التحفيز لدى العاملين والعاملات بالقطاع دون غيره من القطاعات الأخرى؛
— استمرار تغول شركات التعليم الخاص، وتدخلها السافر في تدبير الشأن التعليمي بمنطق تجاري بعيدا عن أي التزام بالقانون، مع ما يسجله هذا القطاع من هشاشة أوضاع العاملين به، وخاصة عدم الالتزام بمدونة الشغل، وعدم التصريح بالعاملين لدى صندوق الوطني للضمان الاجتماعي وفي حياد سلبي للوزارة الوصية، ومحاباة مفضوحة لهذه الشركات على حساب ميزانية العائلات؛
— الاقرار الرسمي للتعليم عن بعد وما يكرسه من غياب تكافؤ الفرص والمساواة بين المتعلمين\ات بسبب التفاوتات المجالية والفوارق الاجتماعية والفقر والهشاشة لدى العديد من الأسر، وغياب العتاد المعلوماتي الضروري للقيام بذلك بالمؤسسات التعليمية، دون الحديث عن ضعف خدمات الربط والولوج لتكنولوجيا المعلومات حتى لدى العاملين بالقطاع، وبالأحرى لدى التلميذات والتلاميذ؛
— الإبقاء على نفس المناهج والبرامج الدراسية التي لا تتلاءم وقيم حقوق الإنسان، ولا تستهدف التنمية الكاملة للشخصية الإنسانية للمتعلم/ة، مع غياب التجهيزات وتقادم الوسائل التعليمية والديداكتيكية، دون الحديث عن الاكتظاظ داخل الحجرات خاصة في التعليم الابتدائي؛
— تعثر انطلاق الموسم الدراسي الحالي في وقته المحدد (شتنبر 2021)، مما خلق قلقا لدى كافة العاملين بالقطاع والتلميذات والتلاميذ وأسرهم، وأكّد غياب آية مقاربة، أو خطة قابلة للتنزيل خلال هذه المرحلة الحرجة، التي تحتاج إلى الابتكار والإبداع، وإشراك الفاعلين والشركاء الاجتماعيين، والمكونات الحقوقية، والمختصين في تدبير الدخول المدرسي، وليس إلى قرارات فوقية تزيد الوضع تأزما.
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تدق مرة أخرى ناقوس الخطر بشأن وضع التعليم ببلادنا، وتؤكد، في ذات الوقت، على الدور المحوري لشغيلة قطاع التعليم، وتشيد بالتضحيات التي تقدمها، رغم الظروف الصعبة والعراقيل التي تواجهها جراء السياسات التعليمية المتبعة في تدبير الشأن التعليمي:
1. تعبر عن تضامنها الكامل مع كافة فئات نساء ورجال التعليم ومع مطالبهم المشروعة، وتجدد مطالبتها بتحسين الأوضاع المادية وظروف العمل تماشيا مع توصية اليونسكو لسنة 1966 المتعلقة بأوضاع المدرسين؛
2. تستنكر التدبير الانفرادي لقطاع التربية والتكوين ومحاولات الوزارة تمرير قرارات كثيرة ومتسارعة، تزيد من أزمة المدرسة والتعليم العموميين، وتزيد من معاناة العاملين والعاملات بالقطاع؛
3. تدعو الدولة إلى إعطاء التعليم الأولوية في مخططاتها وسياساتها، وإشراك الفاعلين والعاملين بالقطاع في بلورة استراتيجية حقيقية للنهوض بقطاع التربية والتكوين، وسن سياسة تعليمية ناجعة لتصحيح الاختلالات، ورد الاعتبار للمدرسة العمومية والعاملين بها، على أساس تحقيق كرامة المدرس والمدرسة والتلميذ والتلميذة، وجودة المناهج، وانفتاح المدرسة على قيم حقوق الإنسان الكونية، التي تسعى نحو الكرامة والعدالة والمساواة؛
4. تشدد على وجوب رد الاعتبار للشغيلة التعليمية، وتحفيزها على العمل عبر توفير الشروط الملائمة لها، حتى تقوم بتأدية رسالتها التربوية على أحسن وجه؛ وبإيلاء المدرسة العمومية ما تستحقه من اهتمام، والقضاء على الفوارق الصارخة بين التعليم في المدن والقرى وبين الجنسين؛
5. تنادي بضرورة تغيير عميق في المناهج والمقررات بما يتلاءم مع معايير حقوق الإنسان الكونية والشمولية، وتوفير الوسائل والمستلزمات والتجهيزات المتطورة لتيسير عمل المدرسين/ات لما تتيحه تكنولوجيا المعلومات من فرص التعلم الجيد؛
6. تطالب بإصلاح أوضاع التعليم العالي، والاستجابة للمطالب المادية والمعنوية المشروعة للأساتذة والطلبة بالجامعات والمعاهد المغربية على حد سواء، وجعل الجامعة فضاء حقيقيا للمساهمة في إرساء دعائم الحوار الديمقراطي ونشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم التسامح والمواطنة ؛
7. تعبر عن مساندتها لقضايا وملفات كافة العاملين والعاملات بالتعليم، وتساند الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد المتابعين أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، وتستنكر متابعات كافة نساء ورجال التعليم على خلفية نشاطهم النقابي؛
8. تدين كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني العنصري الغاصب وتحذر من خطورة هرولة وزارة التربية نحو التطبيع التربوي والبحث الأكاديمي وتدعو نساء ورجال التعليم إلى مقاطعته؛
9. تدعو إلى المزيد من النضال الوحدوي دفاعا عن الحق في التعليم الجيد والمجاني للجميع، وعن كرامة المدرسات والمدرسين وكل العاملات والعاملين بالتعليم من خلال التعبئة الجماعية للتصدي للتراجعات، والدفاع عن المكتسبات والمطالبة بالحقوق، خاصة المتضمنة في الملفات المطلبية للعاملات والعاملين بقطاع التعليم.
المكتب المركزي
04 أكتوبر 2021