1 ) الاطار المرجعي الدولي لإعمال الحق في التعليم :
شغل الحق في التعليم اجماعا كبيرا بين الدول الاعضاء في الامم المتحدة ، ويعود هذا الاجماع الدولي باعتبار الحق في التعليم حق انساني ملازم مع تطور شخصية الفرد في المجتمع بحيث لا يمكن فصل التعليم عن مراحل نموه الفكري, لارتباط هذا التطور بالتقدم العلمي والمعرفي والتكنلوجي المتسارع ، وأن ممارسة الحق في التعليم في المحصلة النهائية تعود بالمنفعة المباشرة على المجتمع والدولة ككل ولا تضر بمصالح النظام السياسي بشكل مباشر . كما أن الحق في التعليم اذا ما تم تعميمه فإنه سيشكل بالضرورة وسيله مهمه لتعليم حقوق الانسان على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية و المدنية السياسية .
ومن هنا اتفقت 171 دوله شاركت في المؤتمر الدولي لحقوق الانسان الذي عقد في فينا عام 1993 على ان تشمل مناهج التدريس الخاصة بكل دولة مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان والديمقراطية وحقوق الانسان.
* الحق في التعليم وفق الاعلان العالمي لحقوق الانسان :
اشار في المادة السادسة والعشرين منه (ويؤكد الاعلان العالمي على ان حق التعليم يجب ان يستهدف التنمية الكاملة للفرد، وأن يعزز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الامم وجميع الفئات العنصرية والدينية وأن يؤكد على الأنشطة التي تعزز حفظ السلام) .
وتضيف الفقرة الثالثة من نفس المادة على ان للآباء سبيل الاولوية في اختيار نوع التعليم الذي يقدم لأولادهم وذلك باعتبار ان حرية التعليم هي حق لكل انسان يخضع لغيره من الحريات الأساسية في الدولة التي يعيش فيها الفرد بهدف حماية حقوق الانسان وتحقيق المصلحة العامة للناس . يتبين بشكل واضح ان الحق في التعليم لا بد ان يتمتع به كل مواطن مجانا بصرف النظر عن امكانات المواطن المادية , حيث اجبر الاعلان الدولي الاعضاء في الامم المتحدة ، ربط الحق في التعليم بقضية التنمية ، أي بمعنى ان يستثمر المجتمع الدولي هذا الحق في تعزيز عملية التنمية . وعلى تعزيز قيم التفاهم والتسامح وبما يخدم تعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان
* الحق في التعليم وفق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
اما العهد الدول الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1966م كما ان الدولة المغربية قد صادقت عليه منذ عام 1979، فقد اكد على الحق في التعليم كما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان مع اعطاء أهمية لربط عملية التعليم في التنمية، فقد طلب الاعلان من الدول الاطراف فيه تبني الحق في التعليم حيث ورد في المادة “13” منه على :
1تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وهي متفقة علي وجوب توجيه التربية والتعليم إلي الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلي توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وهي متفقة كذلك علي وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الإثنية أو الدينية، ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة السلم .
2وتقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب:
أ. جعل التعليم الابتدائي إلزامياً وإتاحته مجاناً للجميع.
ب. تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، وجعله متاحاً للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم.
ج. جعل التعليم العالي متاحاً للجميع علي قدم المساواة، تبعاً للكفاءة، بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم .
د. تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها، إلي أبعد مدى ممكن، من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة الابتدائية .
هـ. العمل بنشاط علي إنماء شبكة مدرسية علي جميع المستويات، وإنشاء نظام واف بالغرض، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس.
3تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية، شريطة تقيد المدارس المختارة بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة، وبتأمين تربية أولئك الأولاد دينياً وخلقياً وفقاً لقناعاتهم الخاصة.
4ليس في أي من أحكام هذه المادة ما يجوز تأويله علي نحو يفيد مساسه بحرية الأفراد والهيئات في إنشاء وإدارة مؤسسات تعليمية، شريطة التقيد دائماً بالمبادئ المنصوص عليها في الفقرة 1 من هذه المادة ورهناً بخضوع التعليم الذي توفره هذه المؤسسات لما قد تفرضه الدولة من معايير دنيا”.
وتجدر الإشارة في هذا السياق الى ان العهد الدول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بإزالة جميع اشكال التمييز العنصري ,،واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ، واتفاقية حقوق الطفل اكدت في نصوصها على الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ونعني هنا الحق في التعليم .
ويبرز الحق في التعليم بشكل اوضح من بين العهود والاتفاقات المذكورة اعلاه في اتفاقية حقوق الطفل التي تضمنت الحق في التعليم للطفل في المادة 29 فقرة ب . وقد سبق اتفاقية حقوق الطفل اعلان حقوق الطفل والذي اكد في البند السابع منه على ( ان للطفل حق في تلقي التعليم الذي يجب ان يكون مجانيا والزاميا في مراحله الابتدائية عل الاقل ، وأن يستهدف رفع ثقافة الطفل العامة وتمكينه على اساس من تكافؤ الفرص من تنمية ملكاته وشعوره بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية ومن ان يصبح عضوا مفيدا في المجتمع) .
ثالثا :- الحق في التعليم وفق المنظمات الدولية والإقليمية
بالإضافة الى الاتفاقات والعهود المختلفة التي صدرت مباشره عن الامم المتحدة او اجهزتها ذات العلاقة في الحق في التعليم ، حاولت المنظمات الدولية والإقليمية ان تعتمد الحق في التعليم في مواثيقها باعتبار ان هذا الحق ليس حقا فرديا وانا احد الحقوق التي تعمل على توثيق وترسيخ العلاقة بين الدول الاعضاء في الميثاق على المستوى الحضاري والثقافي وحتى المعرفي .