دأبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومعها الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية والدولية، على إحياء اليوم الدولي للديمقراطية، في 15 شتنبر من كل سنة؛ سعيا منها إلى إبراز الأهمية القصوى للترابط الوثيق بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز ودعم المبادئ الديمقراطية، وتعبيرا منها عن التزامها بمواصلة النضال من أجل بناء مجمتع الحرية والديمقراطية، الذي ينتفي فيه القمع واالستبداد، ويضمن تحقيق حكم ديمقراطي ينعم فيه كل المواطنين والمواطنات بالكرامة الإنسانية والعدالة االجتماعية والمساواة كقيم إنسانية في كافة المجاالت السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وباعتبار أن الديمقراطية هي الركيزة الأساسية لحماية حقوق ألإنسان؛ فإن ألامم المتحدة ارتئت اختيار المشاركةا
كموضوع لسنة 2019 معتبرة أن “اليوم الدولي لهذا العام فرصة للتذكير بان الديمقراطية مرتبطة بالناس” مضيفة أن
” الديمقراطية تبنى على الشمولية والمعاملة والمشاركة على قدم المساواة، فهي بالتالي لبنة أساسية للسلم والتنمية المستدامة وحقوق االنسان. وتتيح الديمقراطية بدورها بيئة طبيعية لحماية الإعمال الفعال لحقوق االنسان…
والديمقراطية هي السبيل بين اتجاهين، مبنية على الحوار الدائم بين منظمات المجتمع المدني والطبقة السياسية. والبد أن يكون لهذا الحوار أثر حقيقي في القرارات السياسية. ولهذا السبب تعتبر كل من المشاركة السياسية والفضاء المدني والحوار االجتماعي ركائز أساسية للحكامة الجيدة”.
إن الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان وانطالقا من انشغالاتها بكافة قضايا حقوق الإنسان كحقوق كونية لا تقبل التجزئة، تعتبر المناسبة فرصة لتقييم وضع الديمقراطية على المستوى العالمي، وتدرك حجم التحديات ومبلغ الإكراهات التي تواجهها إقليميا ووطنيا، في سياقات اقتصادية واجتماعية وسياسية وقيمية متقلبة، تبطن العديد من التهديدات التي تقوض المبادئ واألسس التي تنبني عليها الديمقراطية وحقوق اإلنسان في كونيتها وشموليتها، ومن أبرز ما يطبع تخليد شعوب العالم، هذه السنة، لليوم العالمي للديمقراطية، هو أنه يجري في ظل أوضاع تتسم بما يلي:
على المستوى الدولي والإقليمي:
تزايد واتساع نظام الهيمنة الرأسمالية المتوحشة وتستير كل إمكانياتها السياسية والمالية والعسكرية لضرب حقوق
الإنسان وحقوق الشعوب، وانتهاك حق هذه األتيرة في تقرير مصيرها السياسي واالقتصادي والثقافي، األمر الذي ازدادت
معه مناطق التوتر وتعددت بؤر الحروب )اليمن، العراق، ليبيا،…(؛ وقد نتج عن هذا الوضع مساس تطير بالحقوق والحريات في مختلف المجالات؛
الهجوم والتضييق على عمل المدافعات والمدافعين على حقوق الإنسان من طرف القوى المناهضة لحقوق الإنسان
في العديد من الدول، حيث تسجل انتهاكات صارت
ة للحق في التظاهر وتقمع الحركات االحتجاجية، كما حصل في فرنسا ( السترات الصفراء ) ، وفي اسبانيا ( حركة الغاضبين 51 ماي ) .
إتجاه القوى العظمى نحو إتضاع الشعوب واألمم والسيطرة على قرارها السياسي والهيمنة على مقدوراتها
وثرواتها في إطار ليبرالية متوحشة واإلجهاز على حقها في تقرير مصيرها وعرقلة طموحها في بناء الديمقراطية عبر
إشاعة الفوضى وتشجيع العنف واإلرهاب وإشعال الحروب في العديد من المناطق العربية والمغاربية، بسبب التدتل
األجنبي المباشر أو باالعتماد على حلفائها من أنظمة متتلفة ومستبدة )تدتل السعودية واإلمارات في اليمن ..( ودعم
االحتالل الصهيوني لفلسطين واستمراره في اغتصاب الحقوق األساسية والتاريتية للشعب الفلسطيني، ونتهالك حقه
التاريتي األصيل في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة؛
كما أن الشعوب اإلفريقية ما زالت هي األترى تعيش تحت نير الحروب وانعدام األمن وغياب أبسط شروط
العيش التي تحفظ كرامة اإلنسان، ومنها من يتوض مقاومة شرسة من أجل الحرية والديمقراطية ولعل أبرزها ما حققته شعبا ك السودان والجزائر من نهوض جماهيري من تالل حراكيهما السلمي للمطالبة بالديمقراطية والعدالة االجتماعية
بهدف القضاء على أنظمة االستبداد والفساد بالبلدين، وهما إحدى أبرز نماذج تنامي وتطور الوعي لدى الشعوب المقهورة
والمضطهدة وقوى التقدم والديمقراطية والمطالبة بالحرية والعدالة االجتماعية ودمقرطة المجتمعات على كافة المستويات.
على المستوى الوطني:
استمرار العمل بدستور لا يستجيب الديمقراطية من ضمان سيادة الشعب، وفصل للسلط، واستقلال القضاء وربط المسؤولية بالمحاسبة وفصل الدين عن الدولة، وسمو المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان وتسييد القيم الحقوقية من ضمنها المساواة بينالجنسين …،تمرير الحكومة لقوانين تراجعية في كافة المجالات، وانفراد الدولة في تمرير القوانين والتشريعات، بعيدا عن المنهجيةالتشاركية والنقاش العمومي ؛ تواصل الدولة المغربية إحكام قبضتها على جميع مناحي الحياة السياسية واالقتصادية والثقافيةوالعالمية، ونهج أسلوب مناقض للديمقراطية ومعادي لحقوق االنسان، ويتمثل ذلك في:
الإستمرار في التضييق والقمع الممنهج على الحركة الحقوقية والديمقراطية والصحافة المستقلة؛
ــ الإصرار على اعتماد المقاربة الأمنية كأسلوب وحيد للتعاطي مع مطالب الشعب المغربي بالديمقراطية والحرية والكرامة
عبر قمع الإحتجاجات والزج بعشرات المعتقلين السياسيين في السجون؛
ــ استمرار توظيف القضاء لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين في محاكمات تفتقر لأدنى معاييروشروط المحاكماتالعادلة؛
ــ سيادة الإستبداد وتفشي الفساد بمختلف اشكاله، وضرب الخدمات الإجتماعية وتكريس اقتصاد الريع…؛
إن تخليد الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان لليوم الدولي للديمقراطية هذه السنة، هو فرصة للتأكيد على أن احترام حقوقالمواطنات والمواطنين وإقرار الديمقراطية الشاملة وبناء دولة الحق والقانون، يتطلب ما يلي:
1 .إقرار دستور ديمقراطي يحترم حق الشعب المغربي في تقرير مصيره على كافة المستويات ويقر بكونية وشمولية
حقوق االنسان وبسمو المواثيق الدولية على القوانين المحلية دون قيود أو شروط بالفصل الحقيقي بين السلطةالتشريعية والتنفيذية والقضائية؛
2 .تصديق الدولة على جميع المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان وإدماج كل مقتضياتها في القوانين المحلية؛
3 .اعادة النظر في مجموعة من القوانين وتغييرها لمواكبة التطورات المجتمعية والمعيارية الدولية، (القانون الجنائي،
مدونة الاسرة، قوانين الحريات العامة، ….)
4 .التأسيس لجهوية ديمقراطية حقيقية تراعي المميزات الثقافية والتاريخية لاتخضع للهاجس الأمني ولوصاية وهيمنة
وزارة الداخلية؛
5 .مراجعة مدونة الانتخابات وكافة القوانين المرتبطة بالعملية الانتخابية، واقرار هيئة مستقلة لإلشراف على
الانتخابات ؛
6 .اقرار فعلي للقضاء كسلطة مستقلة باتخاذ التدابير التشريعية واالجرائية الالزمة وجعل حد لتغول النيابة العامة التي
أصبحت ألية لالستبداد والقمع؛
7 .تفعيل الطابع الدستوري للغة األمازيغية كلغة رسمية مثلها مثل اللغة العربية؛
إن الجمعية المغربية لحقوق االنسان ومن خالل مكتبها المركزي تعبر وتؤكد على قناعتها المبدئية الثابتة بضرورة مواصلة
النضال الوحدوي ببالدنا من أجل تحقيق المطالب واألهداف األساسية للحركة الحقوقية والديمقراطية المتمثلة في بناء نظام
ديمقراطي يضمن احترام حقوق اإلنسان في كونيتها وشموليتها ويحقق الكرامة لجميع المواطنات والمواطنين وذلك عبر
تفعيل الميثاق الوطني لحقوق اإلنسان كقاعدة للعمل الوحدوي المشترك؛
كما يؤكد المكتب المركزي أن التحرك نحو الديمقراطية في عالم تتراجع فيه الديمقراطية وتهدد فيه المكاسب في مجال حقوق
االنسان يتطلب مزيدا من تكاثف وتظافر جهود الحركة الديمقراطية العالمية لمواجهة العولمة الليبرالية المتوحشة وهيمنتها
على مقدرات الشعوب وما تنتج عنه من انتكاسات اجتماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان سواء في الدول المتقدمة صناعيا أو
في الدول التابعة، وذلك من أجل غاية كبرى هي الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية.