عبد الللطيف ناجم فؤاد
قد تبدو الصورة طبيعية كغيرها من الصور التذكارية في نشاط فني أو لقاء ثقافي أوما شابه ، ومن الوهلة الأولى تظهر وجوها ،لنقاد وكتابا وممارسين لها وزن ثقيل في الميدان الثقافي الفني والمسرحي على وجه الخصوص باعتبار مسارها الطويل في ذات المجال وما راكمته من تجارب فنية رائدة في المجال المسرحي وأخص بالذكر هنا الفنان القدير محمد الجم والفنان المقتدر مهمدي حلباس وهما وجهان لعملة واحدة : المسرح والكتابة المسرحية بامتياز الثاني عن الأول كونه شاعرا متميزا . غير أن ما أثارني و استوقفني كثيرا بغض النظر عن اللقاء ومناسبته، هو تلك المقاربة الفنية لكلاهما، أو التوجه الففني سواء على مستوى التمثيل أو الكتابة المسرحية بالنظر لطبيعتها وتوجهها العام للأول و الثاني، فهل هو تقارب فني ؟ أم تقارب لرؤية أو صيغة لنظرة فنية جديدة تجمع الرجلين ؟
يعلم الجميع مكانة الفنان محمد الجم داخل الوسط الفني المغربي ومساره الفني الطويل كأحد أقطاب المسرح المغربي منذ سبعينيات القرن الماضي وما راكمه الفنان من الخبرة تمثيلا وكتابة ما يجعله أحد أعمدة المسرح المغربي بامتياز إضافة إلى توجهه الكوميدي الصرف الذي جعله نجم هذا الصنف فوق العادة . وكثيرا ما يحاول محاكاة الواقع و أحداته السياسية والاقتصادية والاجتماعية بطابع هزلي ساخر، وقد تجلى ذلك بشكل كبير في مسرحية “جارومجرور” للفنان المولود بسلا سنة 1948 . وشارك فيها تمثيلا رفقة نخبة من الفنانين أمثال نزهة الركراكي ومليكة العماري والهاشمي بنعمر وغيرهم من فرقة المسرح الوطني وهكذا سار الجم على خطه التصاعدي باتزان مرن ، وخطى ثابتة حافظ فيها على رؤيته الخاصة بالمسرح والتأليف .
في المقابل تبقى للأستاذ مهدي حلباس المراكشي النشأة سنة 1963 بمراكش الكاتب المسرحي والممثل رؤية تأسست منذ أواسط سبعينيات القرن الماضي على مواقف وتقاطعات عبر محطات حساسة وحاسمة في ذات الوقت، حين لامست قدماه خشبة المسرح(مسرح الهواة) ومن خلالها مبادئ وأبجديات المسرح السياسي النضالي التقدمي ،وترك بصمات قوية على هذا الصنف من المسرح التجريبي من خلال نصوص مسرحية أهمها : “المنادي ” ومسرحية “بائع الدبس الفقير” وغيرها من شاكلة هذا الصنف المسرحي الجاد ،هذا النهج الذي ينحاز في كثير من قضاياه إلى خط الجماهير بمختلف تشكيلاتها . وقد ناضل الأستاذ إلى جانبها مدافعا عن همومها وقضاياها السياسية والاقتصادية والاجتماعية رغم ما كان يعانيه هذا النوع من المسرح ونصوصه من تهميش وتعتيم على مستوى الرقابة والتنظيم أو اللوجستيك أدت أحيانا إلى التضييق على ممارسيه مؤلفين وممثلين .
وكيفما كان الأمر بمختلف تجلياته النقدية تبقى للصورة دلالتها الزمكانية ، ومناسبتها دليل صارخ على مدى التناغم والتآلف والتوافق بين مختلف عناصرها كونهم جميعا في لقاء المهرجان الجهوي محمد الجم للشباب بمدينة خنيفرة خلال اٌلاقصائيات الجهوية لجهة بني ملال خنيفرة . وهمهم الوحيد المشترك بينهم هو البحث والتنقيب على الخلف الثقافي المسرحي واكتشاف طاقات جديدة لبث روح جديدة في جسم أبي الفنون الذي أصبح يراوح غرفة الإنعاش خصوصا بعد جائحة كوفيد التي زادت من تعطل آليات الإسعاف والتعافي لهذا الفن العريق الذي عاش في زمن هؤلاء الرواد أزهى وأحلى فترات حياته .