لايمكن باي حال من الاحوال اخراج الاستهلاك والاستثمار من حالة التراجع والانكماش اذا ماسيطر الاحساس بالتراجع والانكماش وتقلصت او انتفت الثقة. كل التجارب العالمية تؤكد ذلك، وخصوصا تجارب مابعد الازمات والحروب والكوارث.
وللتغلب على الاحاسيس السلبية وازمة الثقة تكون هناك حاجة ماسة الى اصلاحات مؤسساتية مقنعة بجدواها للعموم وليس لفئة مخنثة بلا جدور في الارض وبلا ارتباط بالوطن والشعب ولا تهتم الا بالمصالح الضيقة ذات الاصل الريعي، ولكي تنجح تلك الاصلاحات وتحقق الغاية المرجوة منها، وتجعل الاقتصاد يسير في مجرى تحول ايجابي منتج للنمو السريع وللتوزيع العادل والرفاه الجماعي، لابد ان تتوفر البلاد على قيادات بمؤهلات قيادية حقيقية، معرفية وثقافية وسياسية، وباخلاق رفيعة ووطنية صادقة ورؤيا للمستقبل نابعة من فهم عميق للتحديات المطروحةودراسات متانية لها وليس من المؤسسات الدولية، التي تتغير رؤاها وتتنكر في كل مرة لما اوصت به، او الوكالات الخاصة الاجنبية التي تبيع نفس المنتجات والخدمات للجميع بهدف الربح.
لا ادعو الى اعادة صنع العجلة، ولذلك ارى ان نستفيد من تجارب من سبقونا الى الاقلاع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والديمقراطية، مع الاخذ بعين الاعتبار ان تطور التكنولوجيا اليوم يوفر لنا فرص افضل لردم الهوة التي تفصلنا عمن سبقونا وساروا في طريق التقدم وايضا ان الامر يتعلق بالمغرب بخصائصه ومشاكله التي تجعل كل ميل الى الاسقاط بالغ الخطورة، اذ يمكن ان تكون نتائجه عكس المبتغى والمقصود.
هكذا، فان التفكير في استعادة النمو يجب ان يربط بين الاستثمار باهداف دقيقة واصلاحات هيكلية ومؤسساتية تحرر من الدوران في حلقة شبيهة بحلقات القرون الوسطى في مجتمعات زراعية، حيث تلغي السنوات التي تكون محاصيلها ضعيفة ماتحقق في السنوات ذات المحاصيل الجيدة، ويبقى النمو في النهاية في نقطة الصفر ويبقى الفقر على ماكان عليه ويبقى افق الخروج من الدائرة المغلقة منعدما. التفكير في النمو بشكل معزول لايؤدي الى نمو حقيقي ومستدام، وقد يؤدي الى اهدار الموارد النادرة او تمكين المحتالين من لهفها دون طائل.
محمد نجيب كومينة / الرباط