جماعة مراكش الوطنية اليوسفية بزعامة عبد الله ابراهيم بين سنتي ( 1934 -1937 )
محمد الطوگي
العنوان يحاول التاريخ الجماعة سياسية وطنية مناوئة للمستعمر ويدها فى يد جلالة الملك محمد الخامس – في مكان محدود – مراكش – بزعامة شخصية معينة – عبد الله إبراهيم – وفى فترة تمتد بين سنتي 1934 1937.
من خلال هذه القضايا نثير التساؤلات الآتية:
ما المقصود بجماعة مراكش الوطنية ؟ كيف تأسست ؟ ولماذا أسلمت قيادتها إلى عبد الله إبراهيم؟ أين تأسست بالذات وما هي إيحاءات وظلال المكان الذي انبثقت منه على برنامجها وتوجهها في البدء؟ لماذا تزامن تنظيمها والشروع في حركيتها بسنة 1934؟ لماذا طالبت بتنظيم التعليم في الجامع اليوسفى؟ الم يكن تعليما ناجعا ؟ ما هى نقاط ضعفه ؟ أولا يعكس هذا المطلب البعد التربوي والثقافي لتلك الحركة السياسية؟ ويمكننا أن نترك السؤال التالي معلقا لأنه لا يدخل في شرطنا والسؤال هو: هل ظل زعيم مجموعة مراكش الوطنية مستأمنا على الخلفية الإيديولوجية التى انطلقت منها الجماعة، أم أنه عدلها وأعاد فيها النظر بعد رحلته العلمية إلى فرنسا؟
أقر مسبقا بأن هذه المداخلة لا تضمن الإجابة على جميع هذه الأسئلة وخاصة منها ما تجاوز منتصف الأربعينيات من تاريخ هذه المجموعة الوطنية وبحسبى أن أقلق وخير الأعمال كما قال عبد الله إبراهيم: “ليست تلك التي تغمرنا بالحقائق المزدحمة المتراكم بعضها فوق بعض بل هي التي نتممها وتترك في النفس خطا متسلسلا من الاستفهامات”.
إن البحث في مسألة الحركة الوطنية في مراكش يتطلب الاعتماد على الوثائق والمستندات المادي منها والمكتوب. ومع الأسف فإن هذه الأشياء من الندرة بمكان فليس بين أيدينا من الأعمال سوى :
1- الأعمال المطبوعة بعد الستينيات للأستاذ المرحوم بعفو الله عبد الله ابراهيم وهي أعمال تنظيرية فلسفية لا تربض في الجزئى إلا لتنتقل . منه إلى الكلى، فهو يبحث في النظرية الكلية التى تتحكم أو تسري على الحركة الوطنية بأسرها، وإذا عرض للجزئي فإنه لا يأتى به إلا على سبيل التوضيح وقد يكون من مراكش أو مكناس أو البيضاء أو غيرها. فمثلا في فصل ثمن الحرية من كتابه نداء الحرية يقول: ” وبتجرد عن أي حزازة في النفس، سنحاول أن نسوق بعض ذكريات هنا، إشعارا بثمن الحرية، التي هي الآن أمانة تحت مسؤولية الأجيال المغربية، وأنفس مكسب من مكاسبهم الوطنية العليا .
ثم تتوالى الذكريات أو الجزئيات من مراكش ومكناس والخميسات وفاس وهذا هم من يبحث عن الكلى الذي يندرج تحته ما شاء الله من التفاصيل، أما أعماله المتناثرة فى صحف ودوريات الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات وما بعدها فهي بحاجة إلى باحث يخرجها من الكمون إلى حيز التداول.
2 أعمال المرحوم المختار السوسى فهى وإن تغيت التأريخ لمنطقة سوس. فهى حافلة بمعلومات طيبة عن الحركة الوطنية فى مراكش وعن مجموعة من أعلامها والمختار السوسى رمز من رموز هذه الحركة في مراكش بل يعد من مؤسسيها.
-3 من الأعمال التى تطرقت إلى الحركة الوطنية في مراكش الثورة الخامسة للمناضل الحبيب الفرقاني، وهو عمل ضخم صدر منه الجزء الأول، وينتظر الباحثون والقراء بصفة عامة جزءه الثانى وهو عمل تاريخى تقريري يسرد الأحداث بطريقة تعاقبية حولية، وفى نطلق الصراع والشد والإرخاء بين الحركة الوطنية و الاستعمار ومن حالفه من الإقطاع والخونة، لا ينسى التنصيص على أسماء الوطنيين الحقيقيين وما قاموا به من اعمال بطولية والمستعمرين ومن شايعهم من الخونة، وقمعهم الوحشى وساديتهم المخزية ومكرهم اللعين.
4 – مذکرات آیت پدر محمد بن سعيد (صفحات من ملحمة جيش التحرير بالجنوب المغربي في ثلاث فصول .
5 – أوراق من ساحة المقاومة لمولاي عبد السلام الجبلى.
6 – الحبيب موحى : عبد الله إبراهيم وما تم به بين معاصريه من رموز الوطنية.
7- قصة مناضل من مراكش للأستاذ إبراهيم الهلالي، وهو عمل سير ذاتي جمع بين التخييل والتقرير، وغطى مرحلة الثلاثينيات وما بعدها لغاية السبعينيات. وطبيعة مثل هذه الأعمال التخييلية أنها لا تقتصر على الوقائع والأحداث التاريخية، بل تعطينا فكرة عن النفسيات والمواقف ومظاهر الحضارة وترصد بصفة عامة الحركة الجديدة التى تسري في المجتمع، وتعمل على نقله حثيثا من طور إلى طور؛ من التقليد إلى التحديث
8 – ثمة أعمال شعرية على ندرتها تتراوح بين كونها مزكية لوضع أو متدبدبة، أو ثائرة على واقع وبانية لعالم آخر أو حالمة بفجر جديد
9 – دون أن ننسى مقالات متناثرة فى منابر مختلفة .
فهذه وتلك ليست بكافية لتغطية الجليل والدقيق من الأحداث التي عرفتها هذه المدينة التي منيت بقمع المستعمر، وعتو من دعوا بسادة الأطلس وهامانهم لكلاوي. وأمام هذا النقص فى الوثائق، فالمؤمل أن يسجل من لازال على قيد الحياة من المناضلين ما قاسوه من المستعمر وأعوانه، فمذكراتهم وسيرهم الذاتية خير شاهد على تلك الفترة العصيبة التي ستفضي الى ما أسماه السلطان محمد الخامس ، رحمه الله بالجهاد الأكبر .