أحمد رمزي الغضبان
من المؤسف حقا ان يعرف حقل التنشيط الاذاعي تراجعا ملحوظا بالإذاعة المغربية المركزية، دون ان اتحدث على مستوى التنشيط الإذاعي بالمحطات الجهوية التي ظهرت، مع المخطط الاذاعي الجديد الذي أصبحت بموجبه محطات الاذاعات الجهوية التابعة لمركزية الرباط، ملزمة ببث برامجها على مدى الاربع وعشرين ساعة متواصلة، ظهرت الاذاعات الجهوية مع هذا المخطط الاذاعي الجديد بمستوى ظهر معه نوع من الفراغ في شبكات برامج الجهويات باجمعها، الى جانب افتقار تلكم الجهويات الاذاعية الى منشطين اذاعيين بالمواصفات المهنية المطلوبة، وهذا موضوع أعود اليه لاحقا، فقط تعمدت هذا التقديم لأخلص الى التذكير باهمية التنشيط الاذاعي الذي يعتبر المخ في صلب كل محطة اذاعية، وفي هذا الصدد لا تعنيني الاذاعات المغربية الخاصة التي تتجه وجهة اخرى لا علاقة لها بمقومات العمل الاذاعي في صلبه الوجيه، امام هذا الواقع المتردي الذي يشهده التنشيط الاذاعي ببلادنا، اود ان اقف وقفة اجلال وتقدير لأذكر بزمن الابداع الاذاعي الذي اسهم في صناعته نخبة من اهرام الاذاعة المغربية وطنيا وجهويا، وقد استطاع الاعلامي المغربي الكبير الاستاذ محمد الغيداني ان يرصد لنا من ذاكرة الاعلام الوطني المسموع طابورا وضيئا من اعلام الاذاعة المغربية من خلال اصدار اكاديمي شامل اختار له عنوان ( للاذاعة المغربية أعلام)، وقد رصد من خلال كتابه القيم تجربة 100 شخصية اعلامية بصمت مسار وتاريخ الاعلام المسموع بالمغرب، وساعود الى هذا الاصدار في مناسبة لاحقة، وذلك لاهمية هذا الاصدار الذي ينبغي ان يتوفر في مكتبة كل اعلامي حقيقي. اعود الى موضوع التنشيط الاذاعي في اهميته في العمل الاذاعي لاذكر باسم من الاسماء الكبيرة التي تالقت في حقل التنشيط الاذاعي بالمغرب،الاذاعي الكبير الاستاذ الحسين العمراني الذي يعتبر بحق مؤسسا لمدرسة في التنشيط الاذاعي تستمد مرجعيتها من مصدرين اثنين، اول المصادر تجربة الرعيل الاول من خبراء العمل الاذاعي بالاذاعة المغربية، والذين احتك بهم في بداياته منذ العام 1986 فما قبل، فكان الحسين العمراني اعلاميا مخضرما حقا بامتياز، اما المصدر الثاني فيتعلق بممارسة الحسين العمراني للعمل الاذاعي وفق تصور مهني قد اسس له من منطلق قاعدة الابداع في العمل الاذاعي، فاستطاع الاذاعي الحسين العمراني بالفعل ان يؤسس لمفهوم جديد للتنشيط الاذاعي من منطلق تصور وجيه يشمل خصائص امة باجمعها، وهو السر الذي يكتنف جميع البرامج الاذاعية التنشيطية التي قدمها طيلة مساره المهني بالاذاعة المغربية، فنرى الاستاذ الحسين العمراني يتنقل كالفراش الانيق بين مختلف انواع البرامج التي قدمها من الاذاعة المغربية التي منها ( عصاميون) و( متوجون)و( قولي نقوليك) الذي ،كما جاء في اصدار الاستاذ محمد الغيداني، انفتح من خلاله على العديد من المهن غير المنظمة والمهمشة، كما اهتم الاذاعي المبدع الاستاذ الحسين العمراني بتراثنا المغربي من خلال مجموعة من برامجه الاذاعية منها برنامجه (شيوخ الكلام)، الى جانب احتفاءاته الاذاعية بالعديد من كبار الشخصيات التي تالقت في حقلي الابداع والاعلام المغربي، وذلك من خلال برنامجه الاذاعي الموفق (هادي ليلتنا)، كما ان ذاكرة المستمع المغربي لازالت تحفظ العديد من برامج الاستاذ الحسين العمراني منها ( سهرات الذكرى) التي كانت تذاع مباشرة من مسرح محمد الخامس بالرباط، والبرنامج الصباحي المميز ( نافذة الصباح)، كما سجل حضورا متميزا من خلال تناوبه على تقديم برنامج (صباح بلادي) مع الرائدين رشيد الصباحي وعبد الرحيم باسلام، وحسبما اورده الإعلامي الكبير الأستاذ محمد الغيداني في إصداره الذي أشرت إليه، فان الإذاعي المخضرم الحسين العمراني قد توج عام 2000 بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في صنف الاعلام المسموع، ومن المؤسف ان يحال رجل اعلام بهذا الحجم وبهذه القيمة المهنية الرفيعة على التقاعد، في زمن ضاعت معه قيم الابداع والمهنية في حقل الإعلام المغربي المسموع، وشخصيا اعتبر الاستاذ الحسين العمراني آخر بصمة مهنية في عالم التنشيط الاذاعي بالإذاعة المغربية، التي قد خلت، بتقاعد آخر رمز من رموزها الإعلامي الحسين العمرني على التقاعد، وهنيئا للتلفزة المغربية التي عرفت قيمة هذا الرجل، فابت الا ان تستفيد من خبرته المهنية، ومن تجربته الرصينة في الإنتاج والإعداد والإخراج والتنشيط، فبات ابرز وجه من وجوهها بتقديمه لبرنامجه التلفزيوني الناجح (صناع الفرجة)، باسم جميع المغاربة الذين استمتعوا لردح من الزمن ببصمة الابداع في التنشيط الاذاعي الرصين، وباسم جميع الاعلاميين الذين يعرفون قيمة هذا الرجل ووزنه في مشهدنا الاعلامي المغربي، اقول للاعلامي المغربي الكبير الاستاذ الحسين العمراني : كل سنة وانت طيب، ممتعا دوما بموفور الصحة والعافية، واسمك سيظل نقشا باحرف من بهاء في قلب كل المغاربة، تماما كما ستظل هي برامجك راسخة في ذاكرة الأمة.