صدر للباحث المغربي عبد الرزاق العكاري، كتاب جديد يحمل عنوان ” الحكامة الترابية للرياضة بالمغرب: المتدخلون والإكراهات ورهانات التنمية”، عن منشورات ” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ” (سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية).
واستهل المؤلف كتابه، الذي يقع في 348 صفة من القطع المتوسط، بطرح فرضية مفادها أنه لتطوير المنظومة الرياضية لابد من توفر شرطي مأسسة السياسة العمومية الموجهة للرياضة والتفعيل الحقيقي للبعد الترابي في ظل مشروع الجهوية الموسعة الذي يجب أن يتعامل مع الرياضة كمكون أساسي مهيكل للتراب.
واعتبر ، في هذا الصدد، أن الواقع الرياضي، كأحد المجالات الحياتية التي بدأت تفرض نفسها داخل المجتمع، يواجه جملة من التحديات المرتبطة بضرورة تفعيل مقتضيات الدستور الجديد (المادة 26) بجعل الرياضة حقا لكل مواطن، الأمر الذي يستدعي توسيع قاعدة ممارستها بتوفير كل الشروط المستلزمة وعلى وجه الخصوص منشآت رياضية في مختلف ربوع المملكة وتأطير تقني مقنن ومتنوع ومناسب، بالإضافة إلى نمط للحكامة بشقيه المعياري والتدبيري، ناهيك عن الإكراهات المتعلقة بمسايرة التحولات السريعة لنمط الإنجاز الرياضي. ويمكن ،بحسب الباحث، إرجاع هذه الوضعية لجملة من العوامل، منها ما هو ذو بعد تاريخي وبنيوي وثقافي، إلا أن الاهتمام يبقى منصبا على تبعات التمركز الإداري ومدى حضور الرياضة في السياسات العمومية الترابية، وكذلك خريطة متواضعة للمنشآت الرياضية غير المتوازنة مجاليا.
وأكد الباحث بأن تصاعد الاهتمام بالشأن الرياضي راجع بالأساس لقدرته على استقطاب وإثارة اهتمام شريحة عريضة من الساكنة وكآلية للتعبئة الاجتماعية الأمر يمكن الجماعة من ملامسة الساكنة المستهدفة.
وتوجيه العناية بالرياضة إذن ،يضيف الباحث، لا يعد تبذيرا للمال العام بل استثمارا حقيقيا له آثار ايجابية على الجماعة الترابية اقتصاديا (ارتفاع عدد ليالي المبيت بالفنادق والمطاعم وانتعاش التجارة المحلية وإحداث مناصب شغل جديدة) مما يفسر التنافس الحاد بين المدن العالمية على استقطاب تظاهرات رياضية دولية ، ورياضيا، بتمكين المدينة من التوفر على تجهيزات رياضية هامة تشكل عنصرا أساسيا في توسيع قاعدة الممارسة وترسيخها كثقافة لدى المواطن، وتواصليا بما له من تبعات مفيدة على صورة المدينة بجعل اسمها أكثر تداولا على الصعيد القاري والعالمي، واجتماعيا وتربويا كعامل أساسي في تحقيق الربط الاجتماعي والتحفيز على التشبع بالقيم الأساسية للحياة وللمجتمع (المسؤولية،التضامن،احترام الآخر…).
ويختم عبد الرزاق العكاري كتابه بجملة من المقترحات العملية تتوخى جعل الرياضة عاملا مساهما في التنمية الشمولية للتراب وذلك بخلق علاقة ربط بين الرياضة ومشروع تنمية شاملة للتراب، مع ضمان التقائية السياسات العمومية الرياضية ومأسسة الفعل التنموي للرياضة ترابيا، دون تناسي إعادة صياغة الإطار القانوني بشكل يكون أكثر تحفيزا للرياضة ترابيا وعلى وجه الخصوص تقوية دور وحضور الجماعات الترابية في تطوير الممارسة الرياضية.
واعتمد الكاتب في دراسته على بحوث ميدانية وسلسلة لقاءات مع فاعلين محليين همت 12 مدينة في أربع جهات للمملكة تتمحور حول واقع الرياضة المستوى الترابي.
وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب الجديد “الحكامة الترابية للرياضة بالمغرب” هو الثالث للباحث عبد الرزاق العكاري ، مدير المعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة والرياضة، بعد أن صدر له تباعا كل من “الصحافة الرياضية بالمغرب بين الهواية الاحتراف (1997) و”الرياضة بالمغرب في أفق حكامة جيدة” (2008).