معاد مرفوق
تجد الحكومة المغربية نفسها اليوم أمام مفترق طرق حاسم، حيث لم يعد لديها خيار ثالث بين إلغاء عيد الأضحى أو مواجهة غليان شعبي لن تستطيع احتواءه. من جهة، يجد المواطن المغربي نفسه أمام موجة غلاء غير مسبوقة، على رأسها أسعار الأضاحي التي بلغت مستويات غير معقولة، مما يهدد بالمساس بقدسية العيد ويُقلب معانيه التي لطالما كانت تجمع بين التقاليد والمشاعر الدينية والاجتماعية.
في ظل هذه الأزمة، لا يمكن للحكومة أن تستمر في تجاهل واقع السوق الذي يعج بالتحديات: الأسعار المرتفعة للأضاحي جعلت كثيرين من الطبقات الوسطى والفقيرة في موقف لا يُحسدون عليه. الحديث عن الأضاحي أصبح حديث الشارع والمقاهي، والسؤال الأبرز هو: كيف يمكن للمواطن المغربي أن يحتفل بعيد الأضحى في ظل هذه الأسعار الفلكية التي لا تتماشى مع قدراته المعيشية؟
إما أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها وتتحرك بسرعة لتوفير الأضاحي بأسعار معقولة، عبر استيراد الأكباش من الخارج وبأسعار أقل من تلك التي يعرضها السوق المحلي، أو أنها ستقع في فخ أزمة اجتماعية عميقة. وكلما تأخرت، كلما اقتربت ساعة الحقيقة. الشارع المغربي لن يرحم الحكومة إذا استمر هذا الصمت والتراخي. ما من شيء أكثر قسوة على حكومة يراها الناس مسؤولة عن رفاههم من أن تُسجل في تاريخها أزمة مماثلة؛ أزمة يرفع فيها المواطنون أصواتهم غضبًا، بل قد يرفعون أيديهم في وجهها.
مؤكدٌ أن الحكومة تتعامل مع معضلة ليست بسيطة. ففي حالة القرار الأول – إلغاء عيد الأضحى – سيواجهون خيبة أمل شعبية كبيرة، وهو قرار صعب سيخلف وراءه جروحًا عميقة في النفوس، خاصة أن العيد له رمزية دينية واجتماعية وثقافية لا يمكن الاستهانة بها. أما القرار الثاني – استيراد الأضاحي بأسعار معقولة – فهو معركة تحدد مصير الحكومة، حيث يجب أن يكون السعر في متناول الجميع دون المساس بجودة الأضاحي، وإلا فإن فشل الحكومة في تلبية هذه المطالب سيفتح بابًا للغضب الشعبي العارم.
الشارع المغربي لم يعد يتحمل المزيد من الإخفاقات، فهو يرى أن الحكومات المتعاقبة قد أهملت مصالحة مع المواطنين في أبسط حقوقهم: العيش الكريم. إذا كانت الحكومة ترغب في تجنب الفوضى والاحتقان، عليها أن تختار المسار الذي يضمن مصالح الناس. إما تسوية حقيقية لأزمة الأضاحي، أو مواجهة رياح الشارع التي ستكون أقوى من أي قرار حكومي.
لن يكون هناك مجال للتأخير أو المراوغة بعد الآن. إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه، فلن يكون الشارع المغربي مجرد متفرج، بل سيكون هو من يقرر مصير العيد، بل ومصير الحكومة نفسها.