بلغت محاكمة المتهمين بقتل سائحتين اسكندينافيتين، بإقليم الحوز، مراحلها النهائية ـ كما هو حال بطولة كان 19 ـ حيث اختتمت مرافعات الدفاع يوم الخميس الماضي، ليقرر القاضي ارجاء الجلسة إلى 18 يوليوز من أجل إعطاء كلمة أخيرة للمتهمين الأربعة والعشرون، قبل إسدال الستار على هذه القضية التي أسالت مدادا كثيرا على الصعيد الدولي .
وقتلت الطالبتان الدنماركية لويزا فيسترغر يسبرسن (24 عاما) والنروجية مارين أولاند (28 عاما) ليل 16-17 ديسمبر 2018، في منطقة جبلية غير مأهولة في جنوب المغرب حيث كانتا تمضيان إجازة.
وأجمعت مرافعات الدفاع عن 20 متهما يلاحقون لصلتهم بالجريمة، على طلب براءتهم أو تخفيف العقوبة، على أساس أن لا صلة لهم بالجريمة وأنهم لم يكونوا على علم بها.
ونفوا جميعا في جلسات سابقة أمام المحكمة أي صلة لهم بالجريمة، في حين أقر بعضهم بموالاة تنظيم الدولة الإسلامية، معبرين عن أفكار متشددة.
لكن النيابة العامة التمست في وقت سابق إدانتهم بعقوبات تصل إلى السجن ثلاثين عاما، ويواجهون اتهامات تراوح بين “تشكيل خلية إرهابية” و”الإشادة بالإرهاب” و”عدم التبليغ عن جريمة”.
ويحاكم هؤلاء منذ مطلع شهر أبريل أمام غرفة الجنايات المتخصصة في قضايا الإرهاب في مدينة سلا ، إلى جانب أربعة متهمين رئيسيين، بينهم ثلاثة اعترفوا باقتراف الجريمة.
والتمس الدفاع عرض المتهمين الثلاثة الرئيسيين على فحص نفسي بدون إسقاط مسؤوليتهم عن الجريمة. كما طلب تخفيف العقوبة عن متهم رابع كان برفقتهم لتراجعه قبل تنفيذ الجريمة.
وبين المتهمين أجنبي واحد هو إسباني سويسري اعتنق الإسلام يدعى كيفن زولر غويرفوس (25 عاما ) كان يقيم في المغرب. وطلب ممثل النيابة العامة إصدار عقوبة بحقه بالسجن 20 عاما.
والتمس محاميه سعد السهلي براءته مؤكدا للمحكمة أنه ” قطع علاقته مع المتهمين الرئيسيين منذ سنة ونصف لعلمه بأفكارهم المتشددة “، وأنه لم يلتق عبد الصمد الجود (25 عاما) الذي يعد “أمير” هذه الخلية سوى مرتين أو ثلاث “فكيف يعقل أن يتفق ويخطط معه لتكوين عصابة إرهابية”.
وقال إنه “طفل سقط بين أيدي قتلة وهذه ليست جريمة (…) لقد تعرف على الجود بالصدفة عن طريق إمام مسجد من بين المتهمين كان يقصده لطلب آراء دينية”.
وطالبت والدة الضحية الدنماركية لويزا المحكمة في رسالة تلاها محاميها خالد الفتاوي في مستهل الجلسة إعدام كل من عبد الصمد الجود (25 عاما) ويونس أوزياد (27 عاما) ورشيد أفاطي (33 عاما) الذين اعترفوا باقتراف الجريمة وموالاة تنظيم الدولة الإسلامية.
وجاء في رسالتها ” أليس عدلا إعدام هؤلاء الوحوش؟ إنهم يستحقون ذلك. أطلب منكم الحكم بإعدامهم”.
وتابعت “لقد د مرت حياتي منذ أخبرني رجلا شرطة في 17 ديسمبر أن ابنتي قتلت، أبكيها في منامي (…) لويزا ومارين كانتا شابتين لطيفتين تعيشان لإسعاد الآخرين. لا أعرف الى أي حد تألمتا”.
وطلب ممثل النيابة العامة قبل أسبوعين الإعدام لكل من عبد الصمد الجود (25 عاما) الذي يعتبر العقل المدب ر للمجموعة المتهمة بالجريمة، ويونس أوزياد (27 عاما) ورشيد أفاطي (33 عاما)، الذين اعترفوا أمام المحكمة بتنفيذ الجريمة وتصويرها في شريط مروع تناقله مؤيدو تنظيم الدولة الإسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويصدر القضاء المغربي أحكاما بالإعدام رغم أن تطبيقها معلق عمليا منذ 1993.
وقال الفتاوي لوسائل الإعلام إن عائلة لويزا ستطلب تعويضا قدره عشرة ملايين درهم (نحو مليون يورو).
ولم تشارك عائلة الضحية النروجية في جلسات المحاكمة.
وقالت محامية المتهمين الثلاثة حفيظة مقساوي إن “مسؤوليتهم ثابتة” في اقتراف الجريمة، غير أنها أشارت إلى أنهم “إنهم ضحايا بيئة اجتماعية يطبعها الفقر والأمية، وهذه الفئة الهشة هي الأكثر قابلية للتأثر بالأفكار المتطرفة”.
ويعد الجود “أمير” الخلية التي ينتمي إليها المتهمون، وهم من أوساط فقيرة ومستواهم الدراسي “متدن”، وكانوا يعيشون في أحياء بائسة بمراكش وضاحيتها.
وتابعت مقساوي التي تنوب عن المتهمين الرئيسيين في إطار المساعدة القضائية، “لقد قرأوا كتبا صفراء (…) وتلقوا أفكارا متشددة في مدارس +دور القرآن+ غير الخاضعة للمراقبة”، مشيرة إلى تأثرهم بأفكار متطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من جهته، أكد محامي الدولة المغربية عبد اللطيف وهبي الخميس أنه “لم يكن هناك أي تقصير من أي جهاز من أجهزة الدولة” يمكن أن يجعلها مسؤولة عن الجريمة.
وكانت المحكمة أدخلت الدولة طرفا في المحاكمة بناء على طلب من دفاع الطرف المدني. ويعتبر الأخير أن الدولة مسؤولة عن “اختلالات” سبقت ارتكاب الجريمة، مشيدا في الوقت نفسه بأداء الأجهزة الأمنية والقضائية في توقيف المتهمين بسرعة وتأمين “كافة ضمانات المحاكمة العادلة”.
وأوضح وهبي أن “المؤسسة الأمنية المغربية أصبحت مدرسة في مكافحة الإرهاب (…) لكن الدرجة الصفر للخطر غير موجودة في أي مكان في العالم”، مذكرا بهجمات “شارلي إيبدو” و”باتكالان” في فرنسا والهجوم على مسجد في نيوزيلندا.
وأضاف “بلدنا يستقبل ما بين 10 إلى 15 مليون سائح يتنقلون ويعيشون بكل أمان (…) نحن مرتاحون لأن الدولة نجحت في توقيف المتهمين وتمكينهم من شروط محاكمة عادلة”.