انضافت فترة الركود التي تعرفها الحمامات التقليدية خلال فصل الصيف بمراكش إلى ظروف حالة الطوارئ الصحية مما أثر كثيرا على هذه المرافق الاجتماعية سواء بالنسبة لاصحابها او المستخدمين بها.
و يذكر أن الحمامات التقليدية صنفان الأول تابع لنظارة الأوقاف و يتم كراؤه من طرف بعض الأشخاص، وهم ملزمون بأداء واجبات الكراء لهذه المؤسسة الدينية رغم أن الفضاء لم يشتغل لمدة شهرين متتاليين، فضلا عن واجبات الماء و الكهرباء، و مصاريف اقتناء المواد التي تستخدم في تسخين المياه أعواد او بقايا مادة الزيتون ( الفيطور ) و هي مكلفة جدا، علما أن سعر الحمام لا يتجاوز 12 درهم، علما أن الصغار يؤدون نصف المبلغ فقط.
وهناك نوع ثاني خارج أسوار المدينة العتيقة، اضطر أصحابه إلى اقتناء بقع أرضية، قبل تشييد الحمام العصري مع ما يطلبه من تجهيزات و لوازم تسخين المياه في صهاريج، والتي تلح السلطات المختصة على مطابقتها للمعايير السلامة البيئية، وهي أواني ضخمة مدة اشتغالها محدودة، و على صاحب الحمام تغييرها، رغم أن ثمنها جد مكلف.
أرباب الحمامات بمراكش و الذين ينتظمون في جمعية انضبطوا لقرار السلطات العمومية و أغلقوا المصدر الوحيد لرزقهم في صمت، لم يتجرؤوا على إثارة المضوع في انتظار اية مبادرة للسلطات العمومية ، لكن هذه الأخيرة و في مقدمتها حكومة العثماني لم تكترث بالوضعية المأساوية لأصحاب الحمامات الذين منعتهم عزة النفس من استجداء الحكومة كما فعل البعض، الذي يبكي مع الراعي و يأكل مع الذئب.
في القديم كانت نظارة الأوقاف تساهم مع مكتري الحمامات و الأفرنة بأعواد الحقول التابعة لها، في وقت كانت هذه المؤسسة تولي اهتمامها للجانب الروحي اكثر من الجانب المادي، لكن بعد انخراطها في مشاريع عقارية كبيرة، أضحت المعاملات التجارية الصرفة مع الزبناء هي الفيصل، وغاب الاهتمام بهذه الخدمات الاجتماعية، التي كانت من الضروريات للحياة اليومية، و بات صاحب الحمام يواجه جميع المصاريف، في ظل انحسار الإقبال على هذه الفضاءات من شهر ماي إلى شتنبر حين تزداد درجة الحرا ة بمراكش، فضلا عن استنكاف العديد من الناس عن الذهاب إلى الحمام، مع انتشار السخانات الغازية بالمنازل، رغم ان هذه الأخيرة أدت إلى هلاك العديد منهم.
وها هي الدولة تتفرج على هلاك صاحب الحمام في صمت، ولسان حاله يقول ” اللي غلب يعف “.