إدريس بوطور
( يعيش المرء ما استحيا بخير ** ويبقى العود ما بقي اللحاء ** فلا والله ما في العيش خير ** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء ) ********** اللحاء : قشرة جذع الشجرة وأغصانها ************* بيتان شعريان من بستان حكم الإمام الشافعي يضعان الأصبع على خلق رفيع يسمو بصاحبه أعلى المراتب الاجتماعية النبيلة ، إنه خلق الحياء ** الحياء انقباض النفس وامتعاضها من النقص والقبيح وطموحها الى الكمال والتخلص من الأدران . والحياء هو الصفة والقيمة الخلقية المجردة، والاستحياء هو فعلها وتطبيقها العملي. الحياء جمال وهو ضد الوقاحة ، والانسان المتحلي بالحياء يكون دائما مقبولا ومحبوبا وسط مجتمعه ، لأنه يراعي مشاعر الآخرين وأحاسيسهم . والحياء خلق رفيع لا ينال شرفه إلا من كان كريم الأصل والمحتد ، عزيز النفس عفيفها . وليس الحياء جبنا أو تحملا للذل والمهانة لمدة طويلة ، فالإنسان المتصف بالحياء قد يتحمل سلوك الذل والمهانة عسى أن يتراجع صاحبه عنه ، ويصلح حاله ، لكنه في حالة التمادي فإن رد فعل صاحب الحياء يكون باسلا مرا مذاقه كطعم العلقم . والحياء ليس رياء لأنه يؤدي بصاحبه الى الإستقامة والنزاهة والاخلاص ، وبالتالي فالحياء لا يتعارض مع الاستفسار والسؤال عن ما يجهل الإنسان في أمور دينه ودنياه ، وإذا حدث أن عجز عن السؤال بداعي الحياء فإن ذلك مجرد عجز ومهانة وليس خلقا نبيلا. والحياء ليس هو الخجل، فالأول صفة نبيلة وخلق كريم ، لا يتوانى صاحبه عن مواجهة المواقف المصيرية ، أما الخجل فغالبا ما يكون سلوكا غير عادي ناتجا عن الانطواء والخوف من مواجهة الناس والمواقف . مجمل القول هو أن الاتصاف بصفة الحياء الصادق يعطي للحياة نكهتها الجميلة حيث الإحساس بالآخر الذي يخلق التضامن والتكافل من أجل عيش اجتماعي متوافق منسجم وكريم.