ياسين عدنان
الخلطُ بين القانون والسياسة وعدمُ فصل السلط في نظام العلاقات الدولية ورّط النظام العالمي الجديد في توظيف القانون “للتهذيب السياسي”، وبالتالي فيما نسمّيه اليوم سياسة “الكيل بمكيالين” . وهو ما يطعن بشكل واضح في مصداقية هذا النظام الجديد وشرعيته؛ بل ويساهم في تهديد السلم العالمي والمصير المشترك للإنسانية. لذلك، سينشغل كوكلر بالتفكير الفلسفي في القضايا التي تطرحها العدالة الجنائية الدولية، مستثمرا تكوينه الفلسفي خصوصا في مجال الفلسفة القانونية وكذا تجربته الميدانية كناشط في العديد من مجموعات الخبراء التي تتعامل مع قضايا الديمقراطية الدولية وحقوق الإنسان والتنمية في أوروبا وأمريكا، إضافة إلى نشاطه في بعض اللجان التابعة للأمم المتحدة.
في هذا الكتاب، يتيح لنا حميد لشهب، عبر حوار متشعب عميق، أن نتعرف على المسار الشخصي والأكاديمي لكولكر، أن ندنو من مداره الفكري والفلسفي، وأن نطلّ على تجربته الأممية الميدانية. وكلها مجالات تفيد القارئ العربي: سواء كان باحثا شابا شغوفا بالفلسفة راغبا في خلق تماسٍّ حيٍّ خلاق للفكر الفلسفي وروحه النقدية مع الواقع وقضايا المجتمع، أو قارئا متطلعا لمواطنة كونية تؤمِّن العدالة للجميع؛ لكنه يحدس أن “سيادة القانون الدولي” عبارة مُضلِّلة ويريد الدليل على ذلك. كما أن مَن يستوطِنه الشعور بظلم تاريخي تعرّض له العرب والمسلمون، في الزمن الاستعماري وما تلاه، طال كل قضاياهم العادلة بدءا بقضية فلسطين، سيجد فيه هو الآخر دلائل ملموسة على الطريقة التي تمّت بها شرعنَةُ هذا الظلم وتثبيتُه.