آخر الأخبار

الدفاع عن الوحدة الترابية

محمد نجيب كومينة 

َنختلف
نتنازع
ندافع عن وحدتنا الترابية في مواجهة الممارسات العدائية للنظام الجزائري وبيادقه ولا نتردد في رد الصاع صاعين عندما يستدعي الامر ذلك،
لكننا نظل، وكما كان اباؤنا، متضامنين مع الشعب الجزائري الشقيق في مواجهة الممارسات الاستعمارية الخبيثة التي تتعمد الاهانة والاستغباء والاستغلال.
لذلك لايمكننا الا ندين ونعرب عن امتعاضنا من اقدام الحكومة الفرنسية على تسليم جماجم لمجرمين وقطاع طرق وعناصر اشتغلت في الجيش الفرنسي للحكومة الجزائرية على اساس انها جماجم لمقاومين جزائريين استشهدوا في معارك الكرامة الوطنية.
سلوك الحكومة الفرنسية هذا لا يمكن تفسيره بالاهمال او عدم التدقيق، لان فرنسا تحديدا لها تجربة ذات صيت عالمي في ميادين الارشيف والمحافظة على الثرات والبحث الاركيولوجي ….الخ، وانما يندرج في اطار السلوك المتعجرف الذي يتعمد اهانة الاخرين باساليب منحطة لا صلة لها بتحضر فرنسا، وهو السلوك الذي جعل الفرنسيين يجدون صعوبة في تنفيذ القرار الاممي المتعلق بانهاء الاستعمار، على عكس الانجليز، و جعلهم يتركون وراءهم وضعيات متفجرة بسبب صنع الخرائط غير القابلة للاستقرار، وعلى نهجهم سارت بلجيكا، وجعلهم يتورطون في ازمات كبرى من قبيل المدابح التي كانت رواندا مسرحا لها وارتكبت خلالها مدابح تعتبر جرائم ضد الانسانية، وجعلهم اليوم يجنون هذا القدر من العداء في المستعمرات الفرنسية السابقة الذي يهدد ليس فقط المصالح الفرنسية، التي تطورت بعد الاستقلالات المخذومة و ركزت التخلف والفقر والجوع، بل وكذلك امكان قيام علاقات طبيعية وسليمة بين فرنسا والبلدان الافريقية. ومن المؤكد ان صعود اليمين المتطرف العنصري في الساحة السياسية الفرنسية، وتاثيره المتزايد على القوى المفروض ان لها مناعة ضده وعلى سياسات الدولة في ميدان الهجرة وغيرها، من شانه ان يزيد الطينة بلة و يجعل فرنسا تؤدي الثمن من اقتصادها وموقعها دوليا اللذان يرتبطان بشكل كبير بمختلف العلاقات التي نسجتها مع الخارج، وبالاخص مع مستعمراتها السابقة.
تسليم جماجم مجرمين للجزائر على اساس انها جماجم مقاومين، وترك المجانين الذين يحكمون الجزائر اليوم، ينخرطون في مشهد جنائزي غريب، فيه استهانة بكل اشقائنا الجزائريين واهانة لهم، لذلك فهو سلوك مرفوض ومدان بكل المقاييس.
ماذا سيقول بيير نورا، اخر اكبر المؤرخين المنتمين الى مدرسة الحوليات، عن هذا الاستهتار بالتاريخ وهذا التعامل المهين مع الذاكرة؟