بعد الفنان سيد عبد الكريم بحقٍ شخصيةً إستثنائيةً في تاريخ الشاشة الصغيرة، حيث جسد عددا من الشخصيات الدرامية الخالدة في ذاكرة المشاهدين، ولعل شخصية المعلم زينهم السماحي تعد واحدة من أشهر هذه الشخصيات، وزينهم السماحي هو أحد أشهر شخصيات مسلسل “ليالي الحلمية”، ذلك الفتوة السابق وابن البلد الوفي البار وصاحب المقهى الذي كان يتجمع فيه جميع أبناء الحلمية، وقد جعله المؤلف يموت يوم نصر أكتوبر، ومن شدة حب المشاهدين له وتعلقهم به عاب الكثيرون على المؤلف أسامة أنور عكاشة أن جعل هذه الشخصية الوطنية تموت يوم النصر، واتهموه بأنه أفسد الفرحة بالنصر في حرب 6 أكتوبر بسبب موت المعلم زينهم السماحي ابن البلد الأصيل في نفس اليوم.
والجدير بالذكر أن الفنان المبدع الدكتور سيد عبد الكريم المولود في يوم 26 يوليو سنة 1936 وصاحب شخصية المعلم زينهم السماحي معروف بأنه واحد من أبرز الفنانين الذين يجيدون تجسيد شخصيات أبناء البلد والمهمشين، ومن يرى أداءه وملامحه أثناء قيامه بتجسيد تلك الشخصيات لا يصدق أن هذا الفنان الذي يجسد شخصية ابن البلد أو صاحب المقهى أو العربجي كان في الواقع أستاذا كبيرا بالجامعة وحاصلا على شهادة الدكتوراة.
ورغم موهبته الكبيرة وإبداعه المشهود له به، إلا أن المخرجين لم يسندوا إليه أدوار البطولة مطلقا، ورغم ذلك احتل الفنان الدكتور سيد عبد الكريم مكانا كبيرا ومكانة رفيعة في قلوب محبيه من المشاهدين، وقد حكى يوما أن أحد اللصوص قد قام بكسر سيارته محاولا سرقتها، وأثناء عبث اللص بالسيارة شاهد صورته على رخصة القيادة، فعلم أنها تخصه وأمسك بورقة وكتب له رسالة أسف واعتذار قال فيها: “مكنتش أعرف أنها بتاعتك يا معلم زينهم، احنا آسفين”، ثم أغلق السيارة وتركها دون أن يسرق منها شيئا.
والفنان سيد عبد الكريم اسمه الكامل هو السيد حلمي محمد عبدالكريم، وهو مولود في يوم 26 يوليو سنة 1936 بمدينة الأسكندرية، ووالده كان يمتلك مقهى شهيرا في منطقة سيدي جابر، وقد حصل الفنان سيد عبد الكريم على بكالوريوس الزراعة من جامعة الأسكندرية بتقدير جيد جدا في تخصص الآفات الحشرية، وحصل على شهادة الدكتوراه في كيمياء مقاومة الحشرات من إحدى جامعات ألمانيا، وعمل كأستاذ جامعي بكلية الزراعة في مشتهر إحدى قرى مركز طوخ بالقليوبية والتابعة لجامعة بنها.
وبعد أن عمل أستاذا بالجامعة التحق الفنان سيد عبد الكريم بالمعهد العالي للسينما حيث درس في قسم الإخراج والسيناريو، وحصل على البكالوريوس في سنة 1974، وكان أول دفعته التي ضمت معه أيضا الكاتبة الصحفية حُسْن شاه والكاتب الصحفي أحمد صالح والمخرج محمد كامل القليوبي والمخرج عبداللطيف زكي، وقد نصحه المخرج نور الدمرداش بالتركيز في التمثيل، وكان أول أدواره التي جسدها على الشاشة هو دور عربجي في مسلسل اسمه “النصيب”، وبعد ذلك شارك في عدد من الأعمال الفنية ولكن الدور الذي ساهم في تألقه ولمعانه هو دور زعفراني الذراع اليمنى لرشوان بك رئيس العصابة في مسلسل “أحلام الفتى الطائر”.
كما لا يمكن نسيان دور عبودة أفندي الذي جسده في مسلسل “الشهد والدموع”، ولا دور المقدس بشاي في مسلسل “خالتي صفية والدير”، ولا دور درويش العربجي في مسلسل “حارة الشرفا”، كما أبدع وأجاد في مسلسلات عديدة منها “زيزينيا” و”هي والمستحيل” و”جمهورية زفتى” و”الراية البيضاء” و”الضوء الشارد” و”الأصدقاء” و”كناريا وشركاه” وأميرة في عابدين” و”التوأم” و”أهالينا” وغيرها، والجدير بالذكر أن الفنان سيد عبدالكريم قد قدم للسينما أعمالا قليلة ولكنها كانت كلها أعمالا متميزة منها “أيام السادات” و”المهاجر” و”كتيبة الإعدام” و”ليه يا بنفسج” و”حرامية في تايلند”، وقد.توفي، رحمه الله، في يوم 31 مارس سنة 2012.
منقول