آخر الأخبار

الدورات المغلقة بجماعات قلعة السراغنة : شفافية مفقودة أم تهرب من المساءلة ؟

مع بداية شهر فبراير، تُعلن الجماعات بمختلف أقاليم المملكة عن عقد دوراتها وفقًا للقانون التنظيمي 113.14 المنظم للجماعات الترابية. وبينما تقوم بعض الجماعات ببث دوراتها عبر صفحاتها الرسمية أو من خلال وسائل الإعلام لتوفير المعلومات للمهتمين بالشأن الترابي، نجد أن بعض الجماعات بإقليم قلعة السراغنة تتخذ منحى مغايرًا بجعل دوراتها مغلقة، مستندة إلى المادة 48 من القانون التنظيمي، وتحديدًا فقرتها الثالثة التي تجيز عقد اجتماعات غير مفتوحة للعموم.
قراءة في المادة 48:
يدعو الدستور المغربي إلى تبني مبادئ الحكامة الجيدة، كما تحث المديرية العامة للجماعات الترابية على الانفتاح على المواطنين وتعزيز المشاركة الفعالة في الشأن المحلي. ومع ذلك، لا تزال بعض الجماعات تتجاهل هذه التوجهات، مما يتعارض مع الأسس الدستورية وخارطة طريق الجماعات الترابية.
وفقًا للقواعد الفقهية، فإن الأصل في الأمور هو الإباحة، والاستثناء هو القيد، وهو ما يتجلى في المادة 48 من القانون التنظيمي 113.14، حيث تنص الفقرة الأولى بوضوح على أن جلسات مجلس الجماعة يجب أن تكون مفتوحة للعموم، مع ضرورة الإعلان عن جدول أعمال الدورة وتواريخ انعقادها بمقر الجماعة، مما يعزز مبادئ الشفافية والتواصل مع المواطنين.
دور الرئيس في الحفاظ على النظام
يمنح القانون التنظيمي رئيس الجماعة صلاحية الحفاظ على النظام داخل قاعة الجلسات، حيث تنص المادة على أنه “يسهر الرئيس على النظام أثناء الجلسات. وله الحق في أن يطرد من بين الحضور كل شخص يخل بالنظام. ويمكنه أن يطلب من عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه التدخل إذا تعذر عليه ضمان احترام النظام”. وبالتالي، فإن للرئيس أدوات قانونية لضبط النظام دون الحاجة إلى إغلاق الدورة.
الاستثناء وليس القاعدة
تشير الفقرة الثالثة من المادة 48 إلى أنه “يمكن للمجلس أن يقرر، دون مناقشة، بطلب من الرئيس أو من ثلث أعضائه، عقد اجتماع غير مفتوح للعموم”. وهذا يعني أن الأصل هو عقد الجلسات بشكل علني، بينما يبقى إغلاق الدورة استثناءً يجب اللجوء إليه عند الضرورة القصوى فقط.
دوافع إغلاق الدورات
يلجأ بعض المنتخبين بإقليم قلعة السراغنة إلى إغلاق الدورات دون مبررات واضحة، متجاهلين الفلسفة الحقيقية وراء هذا الإجراء. فقد أصبحت هذه الدورات أشبه بفضاءات مغلقة تمنع المواطنين من الاطلاع على النقاشات والتداولات التي تهمهم.بل أصبحت حمامات نساء على حد تعبير البعض
يبقى السؤال مطروحًا: هل تم إبلاغ الساكنة بزمان انعقاد دورات المجلس؟ وهل يدرك المنتخبون أن للرئيس سلطة الحفاظ على النظام دون اللجوء إلى إغلاق الدورات؟ أم أن هذا الإجراء يُستخدم كوسيلة لحجب المعلومات عن المواطنين الذين منحوا ثقتهم لهؤلاء المنتخبين؟
الحاجة إلى تعزيز الشفافية والمشاركة
في حين وصلت بعض الجماعات في المغرب إلى مستويات متقدمة من الشفافية من خلال الميزانية التشاركية، حيث يتم إشراك المواطنين في إعداد ميزانية الجماعة الترابية، نجد أن بعض المجالس الجماعية بقلعة السراغنة تسير في الاتجاه المعاكس، متجاهلة أهمية الانفتاح على المواطنين وضمان إشراكهم في صنع القرار.
نحو إصلاح القوانين التنظيمية
يعد إغلاق الدورات في وجه العموم انتهاكًا لمبادئ الحكامة، ولا سيما مبدأ الشفافية الذي يفرض على المجالس الجماعية توصيل المعلومات بوضوح للمواطنين. وعليه، أصبح من الضروري مراجعة القوانين التنظيمية لضمان عقد الدورات بشكل مفتوح، لأن تحقيق التنمية المحلية يظل رهينًا بممارسات تتسم بالوضوح والانفتاح على المواطنين.