أشاد مسؤولون قضائيون أجانب، مشاركون في أشغال المؤتمر الدولي السنوي للقضاة في نسخته الواحدة والستين المنظم بمراكش من طرف الودادية الحسنية للقضاة والاتحاد الدولي للقضاة، بالإصلاحات التي قام بها المغرب في ميدان القضاء تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس وبالخصوص التجربة الرائدة التي يخوضها المغرب في ميدان استقلالية القضاء وبناء أسس الديمقراطية وضمان الحقوق والحريات، حيث أضحى يمثل نموذجا إيجابي للسلم والاستقرار.
ودعا المؤتمرون في هذا اللقاء السنوي الهام، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى ضمان تفعيل استقلال السلطة القضائية في الممارسة والتطبيق بما يحقق تعزيز الثقة في القضاء باعتباره الحصن المنيع لدولة القانون، والرافعة الأساسية للتنمية، وتحديث التشريعات لتواكب مستجدات العصر، وملاءمتها للالتزامات الدولية، خاصة منها ذات الصلة بحقوق الإنسان.
وقال كريستوف رينيار رئيس الاتحاد الدولي للقضاة إن المملكة المغربية عرفت خلال السنوات الأخيرة ، تحولا في المجال القضائي، من شأنه تحسين وضعية القضاة وتعزيز استقلالية السلطة القضائية.
وأشار رينيار إلى الإصلاحات التي تبناها المغرب، من ضمنها قرار نقل رئاسة النيابة العامة من وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.
من جانبه، أكد روبيرتو جوفياني السكرتير العام للاتحاد الدولي للقضاة على ضرورة تطوير العدالة وتحسين أدائها لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مختلف المجتمعات، وتنمية التعاون القضائي الدولي وتطوير مجالاته كرافد للارتقاء بأداء أنظمة العدالة، يتيح تبادل التجارب والخبرات واكتشاف الممارسات الفضلى التي يمكن الاستفادة منها والاستئناس بها.
وأوضح محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة، أن استقلال النيابة العامة يهدف إلى تحقيق العدل والتطبيق السليم للقانون مشيرا إلى أن ااستقلالية القضاء هو مطلب شعبي وحقوقي وسياسي.
وأضاف عبد النباوي أنه بالرغم من حداثة التجربة التي انطلقت بتاريخ 07 أكتوبر 2017، فإن رئاسة النيابة العامة ما فتئت تتفاعل مع اهتمامات المواطنين وانتظاراتهم لاسيما فيما يتعلق بالحرص على حسن تطبيق القانون وحماية حريات المواطنين وعدم إمكانية المساس بها، طبقا للإجراءات والشروط المحددة في القانون، وإيلاء العناية اللازمة لقضايا الفئات الخاصة وعلى رأسها المرأة والطفل، مع الحرص على صون الأمن والنظام العام.
ويشكل هذا الحدث الهام فرصة مواتية ومحطة أساسية لتدارس جملة من القضايا والإشكالات القانونية الراهنة ، وفرصة لتلاقح الأفكار وتداول الرؤى وتبادل التجارب في شأنها، بما يسهم في مقاربتها بعمق وبتقديم الحلول المقترحة لها وتطوير آليات العمل فيها وإغناء مجالها بالممارسات الفضلى المكتسبة.
ويسعى المشاركون على اختلاف أنظمتهم القضائية، من خلال هذا المؤتمر لتشخيص ما يعترضهم من تحديات وتقديم ما يرونه من إجابات شافية وحلول مبتكرة لمواجهتها على ضوء المبادئ الكونية التي يتقاسمونها.
ويناقش المشاركون في هذا المؤتمر العديد من المواضيع ذات الصلة بالأساس، بكيفية التعامل مع الجهات والسلط ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي التي قد يقوم بعضها بالإخلال بالاحترام والاعتبار الواجب للمؤسسة القضائية ويحاول التأثير أو التشكيك في قرارات القضاة ، وحدود حرية التعبير والآليات للحد من تدخل السياسي في الشأن القضائي ، والاستراتيجيات الملائمة لتدبير جيد للزمن القضائي ولسير إجراءات المحاكم ، وكيفية حماية الشهود والضحايا في قضايا الاستغلال الجنسي ومقاومة المنظمات الإجرامية العابرة للقارات، وكذا كيفية تعامل القضاء مع إشكاليات اللاجئين وضمان كرامتهم وصون إنسانيتهم، والتدابير الملائمة لمقاربة إشكاليات الهجرة ومحاربة جرائم الاتجار بالبشر.
ويعتبر هذا المؤتمر منبر دولي للتعاون، ومد جسور التواصل والتقارب بين الأنظمة القانونية والقضائية، وتقاسم التجارب الناجحة للإصلاح القضائي والاستئناس بالممارسات الفضلى في هذا لمجال.
ويعد هذا المؤتمر ، المنظم إلى غاية ال18 من الشهر الجاري ، مناسبة للتأكيد على وحدة المملكة وعلى عدالة القضية الوطنية ، وكذا فرصة لتعزيز أوجه الشراكة بين المغرب وعدد من الدول والمؤسسات العالمية الكبرى.
وتتوزع فعاليات هذا المؤتمر على مجموعة من الأنشطة واللقاءات والورشات لمناقشة عدد من المحاور الهامة الآنية المتعلقة بقضايا العدالة والتحديات التي تعرفها المؤسسة القضائية عبر العالم في المجالات المدنية والجنائية والتجارية والحقوقية.
يشار إلى أنها المرة الثانية التي تستضيف فيها الودادية الحسنية للقضاة هذا الحدث الدولي الكبير بعد المؤتمر ال52 سنة 2009 ، مما يعتبر سابقة في تاريخ الاتحاد الدولي للقضاة.