ادريس المغلشي
الديمقراطية كقيمة وتعبير راقي عن إرادة الشعوب لاينحصر دورها في ترديدها كشعاربل تحتاج منالارادة وشروط لتطبيقها. صحيح أننا كيفنا ظروف تطبيقها مع مستوى الوعي الحاصل لدى المجتمع بدرجات متفاوتة وبطرق من التدليس ما يجعل أكثر الأطراف الواعية بدورها غير مستوعبة للقصة برمتها. لقد جعلوها لغزا يصعب فك طلاسيمه و لغما في مناسبات أخرى ينفجر في وجه المتحلقين حولهاودعاة الدفاع عنها.كثير هي العوامل التي عاقت أغلب ميكانيزماتها الأساسية لكن تبقى بالرغم من أعطابها أحسن بالمقارنة مع دول الجوار .نطمح في كثير من المحطات التي تشكل اختبارا لإرادتنا التي تسعى لتحقيق تمثيلية واقعية وحياد بعض المتدخلين الذين يؤثرون في الخريطةبصورةمشوهةتكرس بعض الوجوه أحد رموز وعنوان انتكاستها بعدما تجاوزها الزمن والتاريخ وانتهت صلاحيتها .ولم تعد قادرة سوى على احتلال كراسي وتوزيع اللغى يمنة ويسرة .
السؤال المحوري والمهم لماذا تفشل الديمقراطية من منظريها قبل المنتسبين إليها ؟
دعونا نتفق أولا ان الديمقراطية في وقتنا الراهن ليست مثاليةمطلقةكمايروج البعض لها او يدعي وفي كل المجالات بل اثبثت التجارب انها نسبية وبدرجات متفاوتة بين منطقة وأخرى وان الأحداث التي وقعت لعهد قريب في البلدان العريقة الصانعة لها اصبحت مثار نقاش وجدال بل ومحل تشكيك أيضا.لم يعد الأمر مع وجود وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة يخفى على أحد بل كان عاملا ومبررا أساسيا للأنظمة الديكتاتورية لتمعن في اغتصابها والتنكيل بالشعوب في أسمى ماتسعى وتثوق إليه بدعوى لن نكون أحسن من مصدريها.مادمنا شعوبا تستهلك كل شيء دون أن تنتج .فأهدافها تبقى بعيدة المنال إن لم نقل مستحيلة مادمنا نتلمس الخطوات الأولى في مسار طويل وشاق بالنظر للزمن المهدور بين النقاش والأجرأة .في مقارباتنا التي نحلل بها الحالات والمضامين المعززة لهذه الآلية التي نسعى من خلالها لترسيخ قيم كفيلة بتطوير معطى التداول على المسؤولية . الملاحظ أننا وبشكل غريب نتخلى عن آلية مهمة وضامنة لما تبقى من مراحل تطبيقها وحتى نوضح الأمر.
الديمقراطية كل لايتجزأ فكل فقرة مشكلة لهذه العملية لايمكن التخلي عنها.فالقفز على واحدة مفسدة للباقي .لكن نحن أمام سؤال يحاصرنا جميعا ولا أظن اننا سنختلف حوله ألا يعتبر التعاقد حول هذه المنظومة في شموليتها في البداية قبل الشروع في تطبيقها ضمان رئيسي لنجاعتها ؟
في الغالب الأعم نتعاقد ضمنيا بتصريفها دون أن ندقق في الأمربل تسجيلنا للملاحظات حول الوثائق المؤطرة لاتستتبعه إجراءات تعديلية أو تسجيل مواقف وتحفظات.إن المشاركة في العملية من خلال الترشيح والتعبئة والتصويت حتى إعلان النتائج لايعطي لنا حق التشكيك في الأمر في النهاية. الأمر الثاني الذي لاحظته في هذه المعادلة الملغومة كيف تتباين الإنطباعات والسلوكات والآراء لدى المدافع عن الديمقراطية حيث يثمن مواقع الإنتصار ويروج لها بشكل واسع في حالة من الرضا والنشوة والفرح ويخون ويستنكر بقوة مواقع الهزيمة ويتهمها بالتزوير والفساد بنوع من التشهير والشماتة . هذه الإزدواجية في المواقف لا أستسيغها وهي غير مقبولة لدى من يتسلح على الأقل بحد أدنى من الموضوعية. إننا بذلك نقدم صورة سيئة على حاملي المشاريع ودعاة الديمقراطية مؤطري الشعب كما نعتقد .كيف نطمئن لمثل هذه السلوكات التي تشوش على فهم الناس ودرجات استيعابهم ونحن نقدم أسوأ درس في الديمقراطية ؟
بكل روح رياضية نعترف بالهزيمة كسلوك راقي لايقوض معالم علاقاتنا واليوم جولة هنا وغدا جولة هناك وليس نهاية العالم وليس من الطبيعي ان يبقى الانتصار أبديا بجهة معينة ولا الهزيمة كذلك لدى طرف آخر .التشكيك سلوك جبان وجواب خاطئ على سؤال التعاقد حول الديمقراطية التي تبقى عنوانا كبيرا وقضية ذات أهداف بعيدة المنال . ومن أصابته الهزيمة فعليه البحث في بيته ومحيطه وليس في بيوت الآخرين .إذا أراد العودة بقوة فيحتاج لتجديد النخب وليس العمل بنفس أدوات الفشل .واعتقد أن الأمر أصبح صعبا إن لم يكن مستحيلا لأن الدور إنتهى ولن يعود وإن عاد فلن يكون بنفس القوة . لأنه بالمحصلة النهائية أصبح يلعب بالهامش .
ذ ادريس المغلشي .