تحت عنوان ” الدين و الاقتصاد ” صدر العدد السادس و الخمسون من مجلة الملتقى،وهي مجلة شهرية تعنى بالثقافة و الفكر و الادب، بمشاركة مصطفى السباعي، مراد وهبة، عبد الهادي النجار، محمد احمد خلف الله، عبد الله دراز، احمد صادق يعد، صلاح قنصوة، الاستاذ حسن الزهراوي و الاستاذ محمد الطوگي هادي علوي .
يقول عبد الصمد بلكبير المدير المسؤول و رئيس تحرير المجلة : يستحيل فهم حاضر وتاريخ البشر، دون مراعاة جدل الدين والاقتصاد ومن تم السياسة إيجابا وسليا .
إن تحول الهمج إلى بشر كان منتوج شيوع اخلاق وقيم وقواعد الفطرة في ضبط العلاقات في ما بينهم. إذن تجاوز الاكتفاء الذاتي القبلي، والانفتاح على (الآخر) الذي سيصبح جاراً ثم نسيبا ثم شقيقاً بفعل مقايضة الامتيازات ( التجارة الأصلية والمنشودة الأمر الذي أدى إلى كثير : تعمير الأرض تراكم القيم تشجيع التنقل بتأمين الطرق احترام حدود الحمى القبلي التواصل الموسمي الديني في الأسواق التزاوج المفتوح، وبالتالي تحسين النسل… والأهم السيادة النسبية للسلام، مقارنة بالإبادات، وتوحيد الإله، شرط تجريده والسمو به حقا. احتاج التبادل خارج المواسم إلى وسطاء ( تجار) فتخصصت لذلك فئة (أسر، عشائر، قبائل غير منتجة وإنما (تستفيد من الوساطة، وذلك بإضافة قيمة تبادلية النقل ومخاطره إلى القيمة الاستعمالية للمنتوجات التي أضحت سلعا وبضائع، وتحتاج لتقييم تكافؤها، إلى رموز نقدية.
لعل اللحظة الأهم والأخطر في تاريخ العلاقة تلك، وبالتالي في تاريخ التراكم والتعمير والتحول من البشرية إلى الإنسانية، تمت عندما أضحت النقود نفسها سلعة قابلة للبيع والشراء ( الربا) وهو ما أنتج في الأصل انحراف أدلجة – تسييس الدين الفطري التوحيدي لدى الاحبار اليهود ( التجار) وبالتالي اليهودية المفسرة تلموديا. تحولت بذلك جذريا علاقات التعاون إلى تناحر بين البشر، وسهلت لاحقا شروط الانتقال من الاستعباد والاستقطاع، إلى الاستغلال الرأسمالي الذي تعاني منه البشرية المعاصرة جميعاً.
وبقدر ما ساهم الدين القويم في تأسيس الأسرة والدولة وتحرير البشر من الهمجية والقبلية والوثنية والأسطورية والفلكلور والسحر والشعوذة… بقدر ما ساهم الدين الربوي المؤدلج والمسيس التلمودي ثم الصهيوني في إفساد علاقاتها، وذلك بالعنصرية والعنف والعدوان الإبادي….
يرفض القرآن الخلط والتدليس التلمودي بين التجارة والربا، ولذلك فلقد أحل الله البيع وحرم الربا). فهما ليسا أمراً واحداً، الربا انحراف في التجارة وعنها، والتجارة في النقود تزوير وغش وسرقة مقننة لعمل المنتجين تجارة في الوسائل، ومسخ لها إلى مقاصد وغايات ؟ ونفخ وهمي في اقتصاد، يستحيل به إلى صالة قمار. لقد تمكن المرابون من تهويد المسيحية، وهم يستهدفون اليوم بالتهويد الاسلام والمسلمين ( الابراهمية) ليحاربوا بهم الوطنية والاشتراكية، ويفرضوا العولمة على البشرية. وبذلك يتأكد ما قاله المعلم 3 في المسألة اليهودية من أن تحرير البشرية ومنهم اليهود يعني تحريرها من اليهودية المحرفة : ما يعني، تحريف الدين بأدلجته وتحليل الربا على (الآخر) والتجارة غير المتكافئة والعدوان على (الأغيار) ؟!
إن الرأسمالية المهودة استحالت مع مرحلة الأمبريالية المتوحشة إلى محض فساد وإفساد واستبداد وانتهت بذلك صلاحيتها التاريخية، وأضحت رجعية تحارب الدين والأسرة والحرية والطبيعة… بل والحياة نفسها. وشرط بديلها العودة إلى الفطرة ( الدين القويم وتعاليمها ومحظوراتها، وهو ما نجده متناسقاً متناغماً في برنامج الاشتراكية السديدة أو القومية .