عملت الحكومات المتعاقبة على الشأن المغربي، منذ سنة 1961م من القرن الماضي، ليس فقط على طمس منجزات الحكومة الشعبية للرئيس عبد الله إبراهيم، بل و الأخطر، التراجع عن كامل المكتسبات التي حققتها في فترة وجيزة لم تتعد السنة و النصف تقريبا، قبل إسقاطها بتواطئ بين الرجعية المغربية و القوى الإمبريالية الممثلة بفرنسا و الولايات المتحدة في ذلك العهد . . و من تلك المنجزات، و التي، أخطر من أنها تم التراجع عنها، قد تم محوها من تاريخ المغرب . .
+ الفصل مع الفرنك الفرنسي، بإنشاء الدرهم كعملة وطنية، و تأسيس بنك مركزي مغربي . و نتيجة لهذا فقد الفرنك الفرنسي قرابة ربع قيمته الإبرائية، و لتصبح فرنسا مدينة للمغرب ببضعة ملايير من الدراهم، علما بأن الدرهم أصبح يساوي فرنكا و نصف . (الرجوع لكتاب مذكرات الجنرال شارل دوگول، الفصل الذي يذكر فيه الرئيس عبدالله إبراهيم) . .
+ مباشرة مخطط واسع للإصلاح الزراعي، بنزع الضيعات المستغلة من طرف المستوطنين الفرنسيين، و توزيعها على صغار الفلاحين و إنشاء تعاونيات كبرى. .
+ إنشاء معمل للحديد والصلب، بشراكة مع الإتحاد السوڤييتي في الناظور، و الإتفاق على بناء معمل لصناعة السفن و الغواصات في الحسيمة، على أن يصبح المشروعان بعد عشر سنوات مغربيان مائة في المائة…
//*** بعد إمضاء الإتفاقيات، إتصل الجنرال آيزنهاور، رئيس الولايات المتحدة، بالرئيس عبد الله إبراهيم، لتحديد لقاء بينهما مباشرة بعد افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة لتلك السنة، 1959م . . و أثناء الإجتماع الذي كان بالبيت الأبيض، أعلن الرئيس الأمريكي لضيفه عن اعتراضه، و كامل المنظومة الأطلسية، على تواجد الإتحاد السوڤييتي في مدخل بوغاز جبل طارق، و ما يمثله ذلك التواجد من إنشاء قاعدة لحلف وارسو . .
لينفي الرئيس عبد الله إبراهيم، فرضية تأسيس أية قاعدة عسكرية أجنبية في البلد، و ليعرض عليه إنشاء معامل لصناعة الطائرات في الحسيمة، بنفس الشروط الموقعة مع الإتحاد السوڤييتي، و قد وافق الرئيس الأمريكي على ذلك، و تم التوقيع على الإتفاق . .
و بعد ذلك، طالبه بأن تدفع الولايات المتحدة ثمن تأجيرها لقواعدها في المغرب، بأثر رجعي، منذ احتلالها سنة 1940م، لحكومة المغرب، و ردا على احتجاج آيزنهاور بأن ثمن الكراء كانت تأخذه الدولة الفرنسية، أخبره مولاي عبد الله إبراهيم، بأن المغرب كان تحت نظام الحماية الفرنسية، و كانت هناك دولة مغربية على رأسها السلطان محمد الخامس، و لم تكن تخضع لنظام استعماري . . ليتفقا في الأخير على الإحتكام لمحكمة العدل الدولية. . و ليصدر الحكم في صالح المغرب، و لتدفع أمريكا بضعة ملايير ثمنا لتأجير تلك القواعد . . ***\\
بعد هذا،
+ تم إنشاء محطة تكرير النفط بالمحمدية، بشراكة مع إيران، ( لا سامير) . .
+ المركب الكيماوي بأسفي . .
+ إنشاء وحدات صناعية من أجل تركيب وصناعة الشاحنات (اتفاقية المغرب ـ بيرلي) . .
+ تركيب الجرارات وصناعتها (اتفاق لابورليي)
<< هذان الأخيران، يصبحان مغربيان بعد 10 سنوات، و يصنعان مركبات مغربية 100% .>>
+ إنشاء وحدة صناعة العجلات (اتفاقية جنرال طاير).
+ مركب للوحدات النسيجية (منها كوفيسط بفاس)،
+ اتفاقية “ماطيي” التي كانت في طور الإعداد لتركيب وصناعة السيارات (صوماكا)
+ إنشاء صندوق الإيداع و التدبير . + إنشاء البنك الوطني للإستثمار . . + صندوق التوفير الوطني . .
+ التأسيس للمخطط الخماسي للفترة الزمنية من 1960 إلى 1965. .
و مباشرة بعد نجاح خطة إسقاط الحكومة، تراجعت الدولة المغربية، بضغط فرنسي أمريكي، عن كامل الإتفاقيات مع الإتحاد السوڤييتي، لتلغي الولايات المتحدة اتفاقية الشراكة في معمل الطائرات . . بل و تتراجع حتى عن اتفاقها مع الرئيس عبد الله إبراهيم بخصوص التبادل الحر، و الذي كانت أمضته معه أثناء تلك الزيارة . . .
== من هنا، كانت حكومة الرئيس عبد الله إبراهيم قد شكلت تجربة نموذجية خلال فجر الاستقلال، إلا أن خصومها العديدين قد حاصروها من كل جانب، و حتى من داخلها، مضيعين على المغرب ما يناهز نصف قرن، دخلت فيها بلادنا مرغمة، مرحلة “التيه” الدستوري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي . .
=/= و فقط لو علمنا، أنه في وقتها كان الإسبان و البرتغاليين، “يحرگون” للعمل في المغرب، لعلمنا مقدار بهتان الجريمة التي حيكت لذلك الوطني الرئيس، الوحيد و إلى الآن، الذي خطط بوطنية للرقي بوطننا . . . فرحمة الله عليك يا مولاي عبد الله إبراهيم، و جازاك خير الجزاء على ما قدمته لوطنك . .
_ أ . أ _
امل العاصمي