من أرض المغرب الطاهرة التي لا تسمو عـليها أية بقعـة في العالم مهما كانت رمزيتها، و انطلاقا من محبتنا لبلدنا وتشبعنا بقيـمنا الأصيلة، نرد على رسالتك التي بعثت بها لنا من دولة الإكوادور، برسالة كتبها مناضلون شرفاء أوفياء و معتزين بمؤسسات وطنهم الذي يشق طريقه بثبات نحو القيم الإنسانية الكونية انطلاقا من أصالته، لنذكرك أننا كمناضلين منتسبين إلى المشروع الديمقراطي الحداثي، عازمون على ألا نسمح لك، ولا لغيرك، بتدنيس الفكرة الأصيلة المؤسسة لهذه التجربة السياسية التي آمنا بها.
السيد الأمين العام، إن مسار هذا الحزب عرف انخراطا واسعا لأبناء الوطن، التواقين إلى بناء مغرب أفضل، والحالمين بمؤسسة حزبية تقطع مع ممارسات شوهت نبل السياسة، وكرست الهوة بين المواطن والأحزاب. كما تداول على تسيير الحزب أربعة أمناء عامين محترمين، لم يسبق لأي منهم، بالرغم من كل الهزات العنيفة التي تعرض لها الحزب، أن أوصلوه إلى المستوى الذي أوصلته أنت إليه، لدرجة جعلت المنتسبين إلى هذا المشروع والمتعاطفين معه، يشكون في نواياك غير المعلنة بخصوص مستقبل الحزب، منذ انتخابك أمينا عاما في دورة استثنائية للمجلس الوطني.
لسنا ملزمين بتذكيرك بأن سبب الإختلاف معك يكمن في الطريقة التدميرية التي تُدبر بها المشروع الذي آمنا به جميعا وساهمنا في بناءه، كل من موقعه ووفق طاقاته وإمكاناته، بروح حرصت خلال جميع المحطات على الحفاظ على لحمته وتماسكه. و لا شك أنك تتذكر جيدا حجم ما قدمناه من أفكار ومشاريع حلول لتجاوز الأزمة التنظيمية.
السيد الأمين العام، ذكرت في رسالتك، التي عبرت من خلالها عن تبديدك لما تبقى من رصيد رشدك السياسي ومن قدرتك على قيادة هذا المشروع، أن هناك “إرادة للسطو على مؤسسات الحزب”، في محاولة يائسة منك لصناعة وعي زائـف بحقيقة الأمـور. لذا ارتأينا أن نذكرك بالقرارات التي أقدمت عليها، لكي يتسنى لمناضلي الحزب وللرأي العام، التأكد من أن ادعاءاتك فاقـدة للمصداقية، بدليل قراراتك عشية انطلاق ديناميكية التحضير للمؤتمر الوطني الرابع، و التي منها :
– رفع اجتماع اللجنة التحضيرية، بعدما صوتت القاعة بالأغلبية المطلقة على رئاسة اللجنة التحضيرية، في مشهد عكس اصطفافك الغريب مع فريق ضد الآخر، كما أبان سلوكك عن ارتباك و خلط بين اجتماع تنظيمي حزبي وجلسة دستورية تعودت فيها أن تقول “رفعت الجلسة”؛
– طرد مجموعة من المناضلين وجعلهم خارج المكتب الفيدرالي، عن طريق لي عنق مواد القانون الأساسي والداخلي للحزب، والقفـز على المؤسسات والاستيلاء على اختصاصها، وعدم الرجوع إلى المسؤولين عنها؛
– تجريد المنسقين الجهويين من مهامهم، ضدا على قرارات المجلس الوطني و مضمون المواد المعدلة في القانون الداخلي؛
– فبركة إجتماع للأمانة الجهوية للحزب بجهة فاس مكناس، و تزكية مخرجات الإجتماع، دون علم الأمين الجهوي الشرعي للجهة، والذي تحمل المسؤولية عن طريق مؤتمر جهوي، لتظهر بذلك نزوعاتك الانتقامية و حقدك على ممارسته لقناعاته الشخصية في حزب ديمقراطي حداثي؛
– إسقاط اتفاق 05 يناير المشترك بين المكتبين السياسي والفيدرالي ورئاسة وسكرتارية المجلس الوطني، دون الرجوع إلى هذه المؤسسات، و دون تقديم تبريرات مقبولة سوى ما كان من أحكام ذاتية أظهرت أنك شخصنت الاختلافات التي كان من الممكن تدبيرها بتعزيز الديمقراطية الداخلية للحزب؛
– تشكيل مكتب فيدرالي جديد، من خلال تعيين عدد كبير من موظفيك، مما أفقد هذه الهيئة شرعيتها خصوصا بإبعادك للمنسقين و الأمناء الجهويين، وقيامك بإصدار قرارين بطرد مناضلين من خيرة مناضلينا، بشكل متسرع و انتقامي بدون سلك مسطرة البث في مثل هذه الحالات.
وإذ نعيد التذكير بما قمت به من خطوات، يظهر جليا من سطا على مؤسسات الحزب في واضحة النهار. ولا فائدة بتعزيز هذه القناعة بالتذكير أن مرحلة تواجدك خارج الوطن، أظهرت أن هنالك من يسابق الزمن لتوريطك أكثر حتى تصبح عملية انسحابك أو تراجعك عن الطريق المسدود الذي وضعت فيه نفسك ووضعك فيه من يوجدون بالقرب منك، مسألة مستحيلة. وعليك أن تعذر مناضلي الحزب عندما يطرحون سؤال طبيعة ما يملكه عنك بعض التابعين لك، لدرجة تجعلهم يسوقونك في كل اتجاه يريدونه و أنت تابع بدون قدرة على المقاومة.
السيد الأمين العام،
إن ما وصفته ب “اجتماع السبت الأسود”، لم يكن سوى انتصارا حقيقيا لقيم الديمقراطية داخل الحزب، حيث تم فيه التعبير الديمقراطي عن إرادة المناضلين من أعضاء اللجنة التحضيرية، لم يسجل فيه سب ولا قذف في حقك و في حق مناصريك، رغم التشويش الذي مارسه موظفوك و أتباعك من الحالمين بتعييناتك و ترشيحاتك و إكرامياتك. و بيننا التسجيل الكامل لاجتماع يوم السبت و الذي لا زلت ترفض نشره كاملا.
لم تتردد السيد الأمين العام، في الحديث عن مراكمة الثروة والإيحاء بأمور خطيرة في حق “رفاقك”، دون تقديم ما يسند اتهاماتك أو يشرح تفاصيلها، بشكل غريب و بعيد عن الأخلاق السياسية. كما أن حديثك عن “الأخطبوط” أو ما أسميته ب”التحالف المصلحي”، في أسلوب هجين لا يليق أن يتحدث به رئيس مؤسسة دستورية، يطرح عدة علامات استفهام عن توقيت هذا الهجوم و المراد من مثل هذا الانحدار الذي أصاب خطابك السياسي و لغة التواصل التي اعتمدتها في رسالتك.
كما أن اتهاماتك لمؤسسات مستقلة (مؤسسات الجهة) و جرها إلى مستنقع الصراع الحزبي الذي عجزت عن إدارته، سلوك يدينك بشكل قوي أكثر مما يرفع من قدرك. إذ كيف سمحت لنفسك بالتستر على كل هذا “الفساد المزعوم” و لم تبلغ الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون لتبحث في المواضيع التي تلمح إليها؟ ألا تعلم، و أنت رئيس مؤسسة دستورية يتم فيها المصادقة على القوانين، أن القانون يعاقب على التستر على جرائم الفساد المالي ؟
ألم تنتبه إلى أنك تساهم بسلوكك هذا، بشكل هستيري في زرع الشك و إفقاد الثقة في المؤسسات، دون تقديم أدلة تسند ادعاءاتك؟
سلوكك السيد الأمين العام، متهور وغير مسؤول و لا يليق بمؤتمن على الحزب الثاني في البلاد. وهو ما يزيد من تأكيد صدقية أطروحتنا، بانتفاء شرعيتك و انعدام كفاءتك لتدبير ثاني قوة سياسية في البلاد.
السيد الأمين العام، إن رسالتك حملت عربدة سياسية و سلوكا فاقدا للحد الأدنى من قيم الممارسة السياسية. وليس قيامكم بنعت أحد المناضلين والمؤسسين المساهمين إلى جانبنا منذ بداية بناء الحزب ب”بوجلابة”، إلا إهانة سافلة و واضحة لن تنال من رمزية الرجل بقدر ما تضعك في زاوية مهينة قد يستنتج منها الرأي العام أنك انحدرت إلى كلام فيه الطعن في المظاهر و النيل من كل ما يرمز إليه الجلباب المغربي.
لقد سفهت عملا كبيرا قامت به قامات سياسية محترمة بالحزب، وجعلتنا نشفق على ما أنت مُقـدم عليه، بعدما تم الحجر عليك من طرف مجموعة صغيرة من المنتفعين المحيطين بك، والذين يدافعون عن مكاسبهم وغنائمهم أكثر من دفاعهم عن شرفهم.
السيد الأمين العام، رسالتك إعلان عن موتك السياسي، وليس أكرم للميت من الإسراع بدفنه.
تحياتنا وسلامنا من أفضل أرض و أكثرها رمزية في نضالنا المستمر من أجل الأصالة و المعاصرة.