إدريس المغلشي
لم يكن الأكثر تشاؤما من السياسة المغريية يتوقعون المستوى المتدني الذي وصل إليه الخطاب السياسي وكيف وصلت الاحزاب إلى صورة مقلقةلم يعد معها الكل مطمئن إلى طريقة تدبيرها وكيف صارت الأحداث المتناثرة هنا وهناك متجاوزة كل الأطروحات التي أصابها الإفلاس وتوارت إلى الوراء ولم نعد نشهد بدائل قادرة على تقديم قدوة تستأثر باهتمام الجميع.ساد خطاب الإفلاس واحتل المواقع أشباه السياسيين وتجار الأزمة.أي جرأة تلك التي تستبيح المفردات الساقطة من قاموس الانحطاط.. !
وكيف يحاول بعض الساسة الفشلة أن يجعلوا من لحظة أزمة وكأنها فتح مبين . دون أن يفتحوا اعينهم على حقيقة ماجرى ويواجهوا تلك الصعوبات بالجرأة المطلوبة . يتقنون بجبنهم سياسة الهروب إلى الأمام دون مواجهة الأعطاب التي تشكو منها مؤسسةالحكومة. تمادوا في الأستهانة بالوضعية الاقتصادية الخانقة والكارثية بعد ارتفاع نسبة تفشي ظاهرة البطالة وغياب الإعلام العمومي عن هموم الساحة لمناقشة انشغالات الناس بدل الإمعان في عرض التفاهة والسعي ببعض الأقلام المأجورة للتطبيل للجهات المحتضنة .
طفت على السطح ثلاث مشاهد متتالية و متناقضة في بحر الاسبوع الذي ودعناه تثير لديناكثير من الأسئلة :كيف تتعامل الحكومة مع الأمور الطارئة ؟ هل عبرت من خلال سلوكها التدبيري عن جاهزية مقدرة من طرف المتابعين ووضعت سلوكها بميزان الإنسانية والاخلاق؟ اين المعارضة مع مايقع وإشكالية تحيين الخطاب السياسي اتجاه راهنية الوضعية المأزومة لإحراج المدبر ؟
انعقادجامعات صيفية للشبيبات الحزبية كشف حقيقة مانحن بصدده ،ويؤكد فعلاأننا نعيش أزمة بنيوية عمقت من اشكالية التأطير وفشلنا في إحياء جذوة الأمل في نفوس الطاقات الشابة باعتماد اسلوب راقي ومن خلال قاموس يشجع على الإنخراط في الفعل السياسي خدمة للوطن. لكن يبدو اننا نعيش أزمة قيادة و برامج وعوض الإنكباب على مقارعة المشاريع والمؤشرات والتنافس فيها دخلنا في متاهة أخرى تنم عن تدني مستوى الفاعل السياسي بسيناريوهات منحطة لاعلاقة لها بمايجري بالساحة الوطنية .خطاب يطبعه أسلوب “النكٍير والمعاطية الخاوية” التي لم تراع كثير من الأحداث المحزنة أغلبها لم يندمل جرحها بعد.شكلت بكل موضوعية لحظة استفزاز تستهدف مشاعر الجميع ولم يراع فيها لا المناخ العام الذي يطبعه الحزن والذي لازال يخيم على مناطق بها جثث مفقودة بالمغرب المنسي بعدما جعلناه خارج التاريخ باعتباره وجهة سياحية لتسويق طبيعة خلابة بمنهجية متخلفة لم ترق إلى مستوى تأهيل الانسان الواعي والمسؤول القادر على النهوض بمنطقته.
من يريد أن يشعرنا أننا اصبحنا بقدرة قادر شعبين واحد على حافة الانهيار من خلال صور لا زالت تفضح وعود لم تنفذ بعد لحكومة غير مسؤولة. وجعلت الوطن يتخبط في أزمات وضيق عيش دفع بمعظم شبابه إلى هجرة جماعية يوم 15 شتنبر واعتبرها جل المتتبعين وصمة عار في جبين المدبرين وإعلان فشل مرحلة لأسوأ حكومة عرفها التاريخ السياسي. دون الدخول في من دعا إلى هذه العملية المرفوضة أصلا والتي لن تحل اشكالات التنمية بل التصحيح يأتي من الداخل بمواجهة الاحزاب الفاسدة والتصدي لها . وعوض فتح نقاش عمومي حول الأسباب والدواعي التي جعلت الشباب يفضل مواجهة البحر في هجرة جماعية مجهولة المصير على البقاء في وطن يحاول البعض أن يقنعنا أن شروط الإستقرار فيه لازالت متوفرة.بينما شعب آخر يرفل في نعيم لايمكن تصوره شباب في جامعات صيفية مستلب سياسيا تدفعه التبعية وعدم الاستقلالية في القرار إلى آداء أدوار الكومبارس (تصفيق ورقص* لم يراع مشاعر الآخرين . الأفضع من ذلك حين يسأل الصحافي رئيس فدرالية شباب الأحرار: لماذا لم تقرأوا الفاتحة على ارواح ضحايا الأمطار الطوفانية في بداية اشغال جامعتكم كما جرت الاعراف؟ يجيبه على الفورو بشكل صادم نحن لانتبنى منهجية البكاء .
نتساءل في مثل هذه الحالات .هل من الأخلاق أن نتخلى عن اعراف وتقاليد سياسيةدرجت عليها كل المكونات الإجتماعية احتراما لمشاعر الآخرين مادام حفلكم اختار نفس مكان الكارثة. أي انحطاط أخلاقي هذا الذي وصلنا إليه بعدما اصبح التعبير عن الفرح بالرقص على حساب جراح الآخرين ..!