إدريس المغلشي
اختراق السياسة للمؤسسات في زمن الانحطاط لم يعد خافيا على احد فمن خلال الوجوه التي اصبحت تحتل مواقع مهمة في الدولة توحي باشارات متعددة ان واقعنا السياسي لم يعد بخير وان قضية العزوف السياسي الكل من موقعه مساهم فيها .فلم تعد السياسة تقوم بادوارها الاصيلة، غابت الرقابةومعهاالوساطة الاجتماعية،لاشك ان هناك من يستهدفها لترويضها لصالح اهداف غير بريئة، ويجعلها تنحرف عن مسارها ودورها المطلوب .لم تعد قادرة على استقطاب النخب وكانها مستنقع يخشى الجميع الوقوع فيه ، كل هذا الفراغ القاتل الذي اصبح يعم الساحة السياسية بعدما تفرقت اهواء صانعي القرار باختلاف انتماءاتهم للبحث عن عودة مأمولة ومضمونة الى قبة البرلمان مهما كلف الأمر. شيء طبيعي وطموح مشروع ان يسعى كل حزب لتسجيل حضوره بكل الوسائل في واقع التدبير لكن غير مقبول ان تتم العملية بلاضابط قانوني ولاوازع اخلاقي . لاشك أن قناعة المتتبع وصلت حدود رفض كل هذه السلوكات والتي افضت لحالة من الارتباك وزمن غير مقبول من التيه والضياع ، لكون مرحلتين هامتين في مسارنا الديمقراطي لم تحقق الآمال المعقودة عليها فترة حكومة التناوب فبراير 1998 وفترة الربيع العربي فبراير 2011 ضيعنا فرص مفصلية في تاريخنا المعاصر والوضعية الحالية نتاج طبيعي وانعكاس حقيقي للفترتين معا ، وبالتالي لم يعد مقبولا فيما يستقبل من الزمن السياسي ان تهدر الفرص ومعها جيل بأكمله.؟لكن من حقنا التساؤل هل نمتلك الجرأة والقدرة كذلك لتخطي هذه العقبات؟
مانشاهده الآن من صور الاندحاروالانحدارالأخلاقي والتطبيع مع الفساد واختراق الجسم السياسي ومؤسسات الدولة من خلال عدد التوقيفات التي عرفتها قبة البرلمان خصوصا من الأحزاب المشكلة للاغلبية وما اصبح يعرف كذلك بقضية اسكوبار الصحراء وتداعياتها على صورة المغرب وممثلي الأمة.شيء يسائلنا جميعا. لكن هناك من يرى انها صورة معبرة على دولة المؤسسات وتفعيل المقتضى الدستوري المسؤولية المقرونة بالمحاسبة وتطهير الحقل السياسي الذي اصبح يعرف اختراق الفساد الذي طفا على السطح واصبح يتحكم في مفاصيل الدولة وفي قطاعات حيويةكالرياضة(كرة القدم) بالتحديد والفن والاعلام وكلها مجالات لم تعد تخفي مظاهر التوغل والتغول والانحراف عن اهدافها النبيلة .
لقد حذر الوزير الشوباني في قبة البرلمان فبراير 2013 عندما سئل حول الريع والفساد موضحا ان هناك ريع آخر لايقل خطورة عن الاول يتجلى في التشريع الذي اصبح يصاغ في دهاليز خاصة لخدمة فئة معلومة ،يتساءل جل المتتبعين عن مصادر ثروتها التي اوصلت معظمهم لقبة البرلمان لم نعد نسمع عن سؤال من اين لك هذا ؟ ولم نر اثرا لقانون تجريم الاثراء غيرالمشروع؟لم تعد فئة كما يحلو لابن كيران واتباعه تسميتها بالتماسيح والعفاريت حيث اكتفى باظهارها كمصطلح يمتح من ثراثنا العريق ( كليلة ودمنة) للمقفع ولم يمتلك القدرة على ايقاف النزيف باعتباره منتخب يستمد شرعيته من ثورة 20فبراير والتي كان شعارها الرئيسي والمهم( اسقاط الفساد) بل زاد تغولا في عهده وافرز بشكل تلقائي مانراه اليوم من ثراء فاحش. في المقابل صرح المفكر حسن اوريدسنة 2019في كتابه القيم(المغرب في حاجة الى ثورة ثقافية) يوضح” أن هناك بنية موازية للدولة المغربية شبيهة بالمافيا نجحت في اختراق الدولة نفسها “ليس مفاجأة ان يتقاطع الرأيان معا حول نفس الإشكال وهو امر حاصل بالضرورة ،لكن الحقيقة التي لامفرمنها أن الأولوية في التنمية تتم عبر تحرير مؤسسات الدولة من الفساد وهو امر موكول في المقام الأول للمواطن من اجل تشكيل وعي الشعب،تحدي ضروري ننتظر من يرفع رهانه .