سرق منا راحة البدن والنفس .. وسَكنَنا حتى الهوس برناته، ورسائله وما تحمله إلينا من آراء الناس فينا .. فصارت ابصارنا وافئدتنا تتقلب اليه في شوق ولهفة لاختلاس رسالة ممن يسألون عنا ، او يجاملوننا ب jaime، نترقب في شوق مرضي ما قد تحمله نبراته من صور ممتعة، واخبار نادرة وطرائف مضحكة ..
نمسكه في خشوع ، دون مبالاة لا بعطش او بجوع ..العيون اليه مشدودة ، وعن سواه مَسْدودة ، سرق منا لذة التواصل مع من يجالسنا من اهالينا وأحبابنا ،وعمَّق فينا عزلة لم نعد معها نحس دفء الشمس ،ولا نور القمر .. ولا خرير النهر، ولا صفاء الفجر ..
نتكلم ونضحك افتراضا ، دون حضور جسد الجليس ولا رائحة الونيس ..
هو معنا أينما كنّا وحللنا ..يسمع دقات قلوبنا ، ويتحسس عرق أيدينا .. يُضاجعنا في كل مساحات جسدنا ..يلمسنا ونلمسه بعشق .. ونمسح عنه الغبار برفق .. ونأخذ عنه الخبر بحق.
اذا نَقُصت بطاريةُ شحنه او انقْضَت .. يتملكنا الخوف والذعر .. ويزيغ البصر ، وتكثر التفاتاتنا كالمجانين بحثا عن مكان للشحن والوصل ،ولا يرتاح البال إلا وهاتفنا قد اصبح شحنه عال.. ونبضه شغَّال. ..
نعم انه سارقنا الساحر والماكر ..
سرق منا النوم والأحلام .. وسرق منا مُتعة النظر في أعضائنا ..والتملي بطلعة امهاتنا وآبائنا ، وأنوثة نسائنا ،وعنفوان ابنائنا ..الكل اليه ينظر ، ولمكوناته وخصائصه يذكر ويشكر.. ولشِفْرته يتذكر ..
والحزن ، والسَّعَر، حين يخسر الهاتف او يضيع منا او ينكسر.
فتحدث المَناحَة الكبرى ، وتصير فيها الالسن عابثة ، والاطراف مرتعشة ، والابصار شاخصة من هول الصدمة، ووقع اللكمة . وكأن القيامةَ قد آنت وحانت.
محمد خلوقي