إدريس الأندلسي
و أنا اتجول مستنشقا عبير الكتب، أرى من باب الادب أن أركز على الإبداعات في كل مجالات الكتابة و هذا ما يجعلني أعيش عرسا تحيط به كل مظاهر الجمال. هكذا ازدانت عاصمة الثقافة و رباط “الخير” بأزهى الحلل لتعانق الكتاب. و انت تمر بالأجنحة يسلم عليك الفلاسفة و الأدباء و المؤرخون و الشعراء و يدعونك إلى مأدبة جميلة متعددة الألوان و الكلمات و الكثير من تناقضات الفكر الإنساني. ملايين من الكتب تحمل آلاف العناويين من أفريقيا و العالم العربي و كثيرا من دول الغرب.
لاحظت كثيرا من الاندهاش على وجوه ألفت شراء مئات الكتب الدينية التي قد يكون منها ما يخاطب العقل و لكن الكثير منها أصفر باهت لا زال يعيش حلم العودة إلى قرون مضت مع ابطال دور العقل في التفكير و في الحياة على العموم. أحب الفكر الفلسفي الذي مكنني من وضع مصفاة تحجب سموم حكم المطلق في التعامل مع محيطي و أصدقائي و مجتمعي و قيمي المنفتحة على الغير. أحببت إقبال صغار الزائرين على معرض الكتاب على القصص و الألوان التي تزين الرسوم. و أحببت كتبا عن تاريخ الجمال المسرحي و الموسيقي، كما زاد إعجابي بالمعرض مئات الندوات في الأجنحة المختلفة حول أفريقيا و حقوق الإنسان و إبداع مغاربة العالم و انفتاح المؤسسات العمومية على الكتب و القراء و تقاسم المعلومة. مؤسسات السلطة القضائية كانت حاضرة بالوثيقة و التواصل و حضور المسؤولين و كذلك البرلمان و بعض الوزارات و الجامعات و المندوبية السامية لقدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير.
كثير هم الكتاب الذين اقتربوا من القراء و كتبوا لهم كلمات معبرة على الصفحة الأولى من كتبهم. و تسابق الصغار من التلاميذ و التلميذات لالتقاط صور مع الشخصيات العامة و الفنانين و المبدعين. كان الفضاء بهيجا و العارضون من كافة الدول يقدمون معروضاتهم بانفتاح كبير و يصل بهم سمو رسالتهم إلى تقديم تخفيضات للطلبة و بعض المفتونين بالكتاب. سمعت من كثير من العارضين أن العاصمة الرباط اتاحت لهم ظروف عمل مريحة و أن عدد الزوار و كميات الكتب التي تم بيعها أثارت لديهم الرغبة في طلب الرجوع إليها في القادم من السنوات. و سألت بعض المهتمين بالكتاب فاكدوا لي أنهم أكثروا من زيارة المعرض الدولي للكتاب هذه السنة و ذلك لكون عشاق الكتاب يحبون قربه منهم. كل هذا يحتم التفكير في تنظيم معرضين للكتاب سنويا حتى لا يشعر أهل البيضاء أن معرضهم قد سرق منهم بفعل فاعل.
لو كانت للمقاييس الكمية و تلك التي تهتم بالكيف ثقل لاختيار مقر دائم لهذا المعرض لتوفقت العاصمة الرباط، لكن الثقافة و العلاقة بالكتاب تحتاج إلى منافسة حقيقية بين نتائج تحليل المؤشرات و هي كثيرة و على رأسها طريقة تنظيم المعرض و رقم المعاملات و زخم الندوات و المناظرات و سهولة التنقل إلى مقر العرض. لا أدافع عن العاصمة الرباط و عن تفوقها في تنظيم المعرض الدولي للكتاب و لكن أدافع عن إشعاع اكتسبه المعرض هذا العام بالرباط. و أكرر أن اغلب العارضين عبروا عن رغبتهم في العودة إلى الرباط في العام المقبل. أتمنى أن يتم تنظيم معرضين دوليين أو معارض دولية ببلادي . و الأهم هو ضمان الإشعاع الثقافي للمغرب. و أكرر أن العاصمة تضم مراكز أبحاث و مؤسسات و جمعيات وجامعات راكمت الكثير من الأبحاث. و من تميز له الحق في إستقبال التظاهرات الثقافية. و كفى.