كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عن “وجود العديد من المؤسسات على الصعيد الوطني، التي لا تتوفر على تراخيص صحية وتعرض منتجاتها في الأسواق، ما يهدد السلامة الصحية والغذائية للمواطنين ويعرضهم لمخاطر غير متحكم بها” .
وأفاد مصدر مقرب من المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي، أنه سنة 2018 كانت 8 مجازر للحوم فقط، هي التي تتوفر على اعتماد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أي أقل من 1 % من مجموع المجازر التي تشتغل، وفيما يتعلق محلات ذبح الدواجن، فقد جرى الترخيص فقط، لسبعة و عشرين منها، مقابل أكثر من 15 ألف محل غير مرخص، كما أن 8 % فقط، من لحوم الدجاج الموجهة للاستهلاك يجري توريدها من الوحدات التي تخضع للمراقبة، من أصل 570 ألف طن تم إنتاجها في 2018
وأضاف المصدر ذاته، أن ” المدخلات الكيماوية بما فيها مبيدات الآفات، المستخدمة في المجال الفلاحي، على أهميتها لحماية إنتاجية وجودة المحاصيل، لا يتم التحكم في استعمالها بالقدر الكافي طبقا للمعايير المعتمدة”، حيث لا زالت تشكل خطرا مؤكدا على الصحة والبيئة وتساهم في تدهور الموارد المائية والنظم الإيكولوجية الطبيعية”.
وهي الوضعية التي يمكن “تفسيرها على وجه الخصوص بغياب سياسة عمومية متكاملة لسلامة الأغذية”، مما يؤدي، بحسبه، إلى العديد من الاختلالات فيما يتعلق بـ”تعدد المتدخلين وتداخل الاختصاصات، وهيمنة القطاع غير المنظم، وانخفاض مستوى متطلبات المستهلكين، وكذا بمحدودية الأدوار المنوطة بالجمعيات المدافعة عن حقوق المستهلك”.
و حدد المصدر ذاته، ما أسماه ” النواقص ” التي مازالت تعتري هذا المجال، ومنها “نظام الحكامة”، حيث انتقد كثرة المتدخلين، والذين يتوزعون بين وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، باعتبارها المسؤول الأول عن الإنتاج الزراعي وضمان الحماية الصحية النباتية والحيوانية وتأمين السلامة الصحية للأغنية، ووزارة الصحة المعنية الأولى بصحة المواطنين وبالتكفل بالمرضى في حالات الأمراض المنقولة عن طريق الأغذية وبموجب هذه المسؤولية تضطلع الوزارة الوصية باليقظة الصحية، كما تعد وزارة الداخلية المعني الأول بالأمن الغذائي للمواطنين، حيث تسهر على عملية تزويد الأسواق بالمنتجات الغذائية بكميات كافية، وكذا التنسيق بين مختلف الفاعلين في شتى مراحل سلاسل القيمة، وتعتبر الوزارة الفاعل الرئيس في حكامة الأنظمة الغذائية المغربية.
ومن ضمن المتدخلين، أيضا ـ يضيف المصدر المذكور ـ ، وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، المعنية بالارتقاء بالجودة والسلامة في مجالات الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة والقيام بالمراقبة في مجالات المترولوجيا والاعتماد والجودة والسلامة بالمقاولة ومراقبة السوق وحماية المستهلك، إلى جانب الجماعات الترابية، التي تشكل الفاعل الأساسي المكلف بالتدبير الإداري للمذابح والأسواق وتسليم التراخيص لنقط البيع.
وأبرز المصدر نفسه، أن هؤلاء المتدخلين يشتغلون “بشكل معزول، ولا يوجد تواصل بين جهاز وآخر، في حين أن السلامة الصحية للأغذية هي مقاربة تتطلب تواصلا عرضانيا متاحا فيما بين جميع هذه الأجهزة”.
مشيرا إلى أن التنسيق بين هذه السلطات المختصة يظل “محصورا خاصة في عمليات منح التراخيص النقط البيع واللجان المشتركة التي تنظم جولات مراقبة الأغذية خلال بعض المناسبات من قبيل شهر رمضان، وعيد الأضحى، وموسم الصيف، وكذا تدبير بؤر الأمراض المتنقلة عن طريق الأغذية”.
كما أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الذي يمكن اعتباره فاعلا رئيسيا بصفته سلطة مختصة، “يجد صعوبة، منذ إحداثه، في الاضطلاع بمهامه في مجال السلامة الصحية للأغذية”.
حتى يتمكن المستهلكون من اتخاذ قرارات أكثر أمانا وأفضل لصحتهم، “وجب عليهم الولوج إلى معلومات واضحة ومفهومة وموثوقة عن صحتهم الشخصية والجماعية”، مشيرا إلى أن “افتقار المعلومات، وقصور التربية وضعف الموارد البشرية والمادية، وغياب النزاهة لدى بعض الفاعلين، تحد من دور جمعيات المستهلك”.
وأشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى أنه بالرغم من أن القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، قد دخل حيز التنفيذ منذ 7 أبريل 2011، غير أن بعض أحكام هذا القانون لم تر النور إلى اليوم، لا سيما فيما يتعلق بالآليات المؤسساتية التي يتعين أن تضطلع بحماية المستهلك، بما فيها تقوية أدوار الجمعيات المعنية وإحداث الجامعة الوطنية، وإحداث المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك باعتباره مؤسسة مستقلة، تناط بها على الخصوص “مهمة اقتراح وإبداء الرأي حول التدابير المتعلقة بإنعاش ثقافة الاستهلاك والرفع من مستوى حماية المستهلك”.