تحدثت تقارير إعلامية عن وصول فوج من السياح الفرنسيين الى مراكش في دفعة أولى يبشر قدومها بانفراج سياحي واقتصادي يعم أسواق المدينة المتضررة من الركود والكساد الذي خيم لأزيد من نصف عام بسبب تداعيات اجتياح فيروس سارس كوف-19 لمختلف بلدان العالم التي هي بدورها على غرار المغرب تعاني الأزمة.
وأكدت هذه التقارير أن الفوج الأول ضم 160 سائحا في رحلة بعثت التفاؤل لدى الفاعلين السياحيين وسكان المدينة الحمراء لاسيما وأن الخبر تصادف مع صدور بلاغ شركة طيران فرنسية أعلن العودة الى المغرب برحلات مباشرة للسفر منخفض التكلفة بين مطارات فرنسا والمغرب.
وفي أجواء التفاؤل، وجب استحضار تجربة مضت من قبل ثلاثة عقود على السياحة المغربية تتكرر أحداثها بنفس الأسلوب إدارة وتدبيراً إذ ما أشبه اليوم بالبارحة!
فال160 فرنسيا ليسوا سياحا إنهم مدعوون…زوار قدموا سياحة في إطار مبادرة تشجيعية ستتلوها مبادرات تستنزف مالية صندوق الاستثمار السياحي ولا يستفيد منها الاقتصاد الوطني شيئا، إنها مجرد دعاية غبية لا تضع في الحسبان عقلية الأوربيين وطريقة تفكيرهم ونظرتهم الينا والى بلادنا…
نحن نستصغر أنفسنا لأننا ننظر إلينا وللأسف بعيون الغربيين.
الدعاية للسياحة الوطنية تسترخص المنتوج المغربي مقابل استقطاب الأعداد التي تأتي بلادنا بدراهم معدودات تقضي أسبوعين وأقل بتراب الفلوس في أرقى فنادقنا والمواطنون يدفعون أكثر لخدمات سيئة في “سياحة” بئيسة لا يتم الالتفات اليها في اطار مفهوم “السياحة الداخلية” إلا عند الأزمات العالمية.
والفاعلون السياحيون الحقيقيون وهم ثروة بشرية غضة من فتيات بلادنا، الشابات اليافعات، هن المورد الحقيقي الذي يغني صندوق السياحة من موارد البترودولار الذي يأتينا من أشقائنا العرب في الخليج.
ولا أخوف سوى من هذا التطبيع مع إسرائيل ومن موجات الانفتاح الجشع في كل من السعودية والكويت اللتين يجرفهما تيار ابو ظبي والمنامة ودبي والدوحة نحو مفهوم براغماتي لاقتصاد الأزمة “خيرنا ما يديه غيرنا” عندما تصير (نيوم) في شمال المملكة العربية السعودية وجهة جذب سياحي على ضفة (أيلات) الاسرائيلية وعندما تتمطط الأجساد الروسية والأوروبية الشرقية والسافارديم والاشكيناز على سواحل الإغراء أمام الكوفية والعقال العربيين ويؤثت الرأسمال اليهودي البيت الشرقي بكل ما ينقصه من لذات شهوتي البطن والفرج….
حينئذ تكون السياحة المغربية أمام التحدي الحقيقي في الرهان على السياحة الأوروبية لاسيما الفرنسية والاسبانية كعنصر استقطاب.
كفى مسؤولي السياحة المغربية تغطية الشمس بالغربال والتستر على العجز في تسويق تاريخ بلادنا وموروثها الحضاري وثقافتها وطبيعتها وجمال ما حباها الله من زرقة السماء وخضرة الأرض وعذوبة الماء وكرم الإنسان وسخائه…فيما الواقع الذي يقر به المغاربة جميعا وينكره السياحيون أن الموارد المالية للسياحة المغربية ليست على كل حال من أصل الأعداد المعلنة للوافدين في إطار أفواج مدعومة محتضنة للسياح الفرنسيين وأوروبا الغربية بعامة لاسيما إذا صدق هؤلاء السياحيون/السياسيون وخصموا أرقام مغاربة العالم الذين يزورون بلادهم ويعدونهم سياحاً وهم مواطنون من الجاليات المقيمة بالخارج.