آخر الأخبار

السيرة الجماعية لمنظمة 23 مارس بآسفي – 1 –

راودتني فكرة الكتابة عن تجربة ٢٣ مارس في اقليم اسفي منذ زمن بعيد والحقيقة أن حلم الكتابة كنت قد عشته على ارض الواقع وبات جزءا من ذاكرة اسفي ،مدينة واقليما،كتراث نضالي يهم الاجيال الصاعدة.
الا أن هذا الحلم/الفعل يطرح العديد من الأسئلة ومنها:_هل في الامكان كتابة تاريخ تنظيم سياسي سري في مكان ما، بشكل فردي اعتمادا في كثير من الأحيان على الذاكرة؟
وتتناسل من هذا السؤال أسئلة أخرى: هل تاريخ تنظيم ٢٣ مارس، فمنظمة العمل،فيما بعد يتشكل من الأفراد المعزولين بعضهم عن بعض، أم انه يقوم على حيوات جميع المناضلين؟
وهل التأريخ لهذا التنظيم في منطقة جغرافية ما يتعالق مع التاريخ العام لذات التنظيم على الصعيد الوطني؟
وهل تجربة الاقليم تنطبع بخصوصية فضائه الاجتماعي وتوسم بتقاليده، وتوشم بالتكوين الاجتماعي والنفسي لمناضليه؟
أم أن هذا كله محايث لما يجري في نهر الأمة العربية من أحداث و قائع، ومايمور به العالم من قضايا واشكالات؟!
وهل في مكنة التاريخ السياسي للتنظيم الواحد ان ينعزل عن شروط وظروف تنظيمات أخرى، وينأى عن التاريخ للوطن في تلك الحقبة التي تسترجعها الذاكرة؟
الى أي حد يمكن للذاكرة ان تكون موضوعية في ماتعرضه من أحداث وماتتخيله من حالات وماتنضده من ذكريات،دون ان تستحضر دوما الوثائق والتقارير، والبيانات التي تشكل فترات مهمة في حياة التنظيم وطنيا وجهويا؟
الا تتقاطع كتابة الذات الفردية مع غيرية الاخرين وبالتالي الا يحمل الاخر ون ايضا في تفكيرهم وممارستهم ذوات الافراد الذين صنعوا واياهم تلك التجربة؟
ان محاولة التأربخ لهذه التجربة تتقصد ان ” الأنا” هي ” الاخر” والاخر هو الأنا، ألم يكتب احد النقاد يوما كتابا بعنوان: JE SUIS UN AUTRE :” أنا هو الاخر”، ومع ذلك فثمة من يرى أن التاريخ دائما اكثر هشاشةواعتباطا مما نظن لأن زاوية النظر التي نتخذها تدفعنا الى اختيار بعض الوقائع البارزة وازاحة غيرها، وهذه الهشاشة تتضاعف كلما اقتربنا من الحاضر !” تودوروف”.
كل هذه الاشكاليات وغيرها تقف منتصبة في وجه كل من يحاول ان يقوم باسترجاع هذه التجربة النضاىية الثرية_ ضمن تارخ القوى اليسارية الديمقراطية المغربية_والنبش في جبهاتها المتعددة: الساسية ،النقابية،التنظيمية الاعلامية والفكرية../الخ
ان الدوافع وراء هذا المسعى/ العمل الذي يطرح كثيرا من العوائق المنهجية والتوثيقية، املته ضرورات ذاتية وموضوعية.
فالذاتية تتمثل في كون هذا التاريخ هو جزء من حياة، ولكنه ايضا هو تاريخ مختلف المناضلين الذين صنعوه بأعصابهم وفكرهم وعرقهم ،ونشاطهم السياسي والتنظيمي ، وهو في الان ذاته اعتراف بجهوم هؤلاءمن أجيال مختلفة سواء في لحظة تأسيس التنظيم أو بداياته أو لما صلب عوده وأعطى أزكى الثمار…
أما الضرورات الموضوعية، فمنها الحرص على حفظ الذاكرة النضالية، لأنها ذاكرة جماعية بين من صنعوا هذه التجربة والتعرف الى الفضاء الذي احتضنها وتعهدها بالحياة، والحرص على الاستفادة من دروسها النبيلة، وماعاناه المناضلون في ترسيخها داخل المنظمات الجماهيرية أو في علاقتهم بالقوى السياسية الديمقراطية او السلطات المحلية…اذ كان اصحابها يعتمدون على طاقاتهم الذاتية ومواردهم المالية البسيطة ،لكنها ظلت على الدوام تمنحهم قوة الصمود مبتعدين عن الشبهات محصنين سلوكاتهم اليومية في اماكن اعمالهم وفي الفضاءات العامة ونابذين الارتزاق السياسي الذي استشرى للأسف في صفوف العديد من مناضلي الأحزاب السياسية اليوم .
ان هذه الصحائف دعوة مفتوحة على كل من أسهم في خلق هذه التجربة ليدلي بدلوه فيها اضافة او تقويما، او حتى بتقديم وجهة نظر مغايرة، فما تطمح اليه هذه الصحائف ليس القصد منه تاريخ اشخاص وانما هو تاريخ وطن في منطقة معينة وفي لحظة تاريخية محددة.

عبد الهادي زوهري / قناعة الاختيار بوحدة اليسار