د اضراب الثانويات في موسم 71 ـ 1972:عرفت ثانويات المدينة والاقليم ( الحسن الثاني ، ابن خلدون، كشكاط…..) كما هو الشأن في مدن مراكش والبيضاء والرباط…إضرابات تلاميذية وصلت شرارتها الى مؤسستنا (ا لهداية الاسلامية / الحمري) مما جعلنا نشارك في تأجيجها دون خلفية سياسية أو تنظيمية على عكس الثانويات الأخرى ( النقابة الوطنية للتلاميذ).
واذكر في هذا المجال انني تزعمت وزميلي ادريس المشترائي هذه الحركة الاحتجاجية العفوية بكتابة رسالة الى تلميذات قسم البا كالوريا ـ كان الفصل نبن الذكور والاناث قانونا في ثانويتنا ـ لكي يتضامن مع زملائهم في هذه “الخطوة النضالية” رغم منع مديرنا المرحوم الفقيه الهسكوري، ومطاردتنا من طرف الامن ذات يوم من ايأم الاضراب وهكذا ستغلق المؤسسة ابوابها كباقي الثانويات طيلة الدورة الثانية والثالثة الى ان أعلن عن اجتياز الباكالوريا في دورة يونيو!
وقد نتج عن هذه الاضرابات التلميذية الطويلة اعتقالات في صفوف عدد من التلاميذ اذكر منهم : مصطفى اجكوني، والغالي بركات وغيرهما مما نسيت أسماءهم.
ومما يجدر قوله ان كوكبة من الاساتيذ اليساريين ظلوا مدرسين بتلك الثانويات في اسفي واليوسفية وكانوا يذكون ويبثون الوعي التقدمي من خلال دروسهم وسلوكاتهم امثال مبارك المتوكل وعبدالصمد الديالمي القشيري ،بلخادم ،حسني العربي مفضال…الخ
“جمهورية ” ظهر المهراز: اخترت بعد حصولي على الباكاوريا في موسم72 ـ 1973 أن اتسجل صحبة مجموعة من الزملاء والأصدقاء في كلية الاداب بفاس أمثال محمد بولامي، ادرسي اليعقوبي ،الحسين الرشيد ،احمد الكرناوي ابراهيم الحضرمي… وفضل اخرون الالتحاق بكلية الاداب والحقو: عبدالاله الشلاغمي، المرحوم مصطفى انميلي محمد بوجة عبدالرحيم بيار، ادريس المشترائي….
ومنذ التحاقنا والاضرابات الطالبية مستمرة فقد كانت الاجواء بفاس وخصوصا بحيها الجامعي مشحونة بالصراعات السياسية والايديولوجية بين طلبة الجبهة من جهة وطلبة الاحزاب ” الاصلاحية” من جهة اخرى ولن أنسى وأنا أشاهد لاول مرة المرحوم رفيقنا أمغار وهو يخطب فوق طاولة احدى قاعات الكلية خطابا يساريا قوي المعنى والمبنى بينما لايستطيع مجاراته المناضلون المنتمون الى الاحزاب ” الاصلاحية ” ق بالرباط بما فيهم الذين سيصبحون _ في مابعد_قادة للفطاع الشبيبي الاتحادي..
ولم يكن الصراع السياسي والايديولوجي هو الطاغي في هذه الفترة فقط بل واكبته هيمنة الالتزام الفني/ الموسيقي حين كنا نستمتع بأغاني ملتزمة،لماكان احد زملاىنا ،صاحب العود يستضيفنا في غرفته ليشنف اذاننا كل ليلة بكل “ما لذ وطاب” من اغاتي ناس الغيوان للتخفيف من حدة النقاشات السياسية والايديولوجية.
هكذا مرت شهور نونبر ودجنبر الى منتصف يناىر 1973 والدراسة لم تبدأ بفعل الاضراب المستمر الذي كان ينذر” بالغيوم الملبدة والرعود القادمة “!
ففي احد أماسي يناير جاءنا صديقنا المرحوم محمد ابومعشر مفتش الشرطة الى الحي الجامعي، و كان في بداية مشواره المهني مخاطرا بعمله ليخبرنا ـ طلبة اسفي ـ بان هجوما على الحي سيقع فجرا من طرف رجال الامن والعسكر فما كان من مناضلي اسفي ( حنون ،بوركي، الظريف…. ) ـ بعد ان أخبروا بقية زملائهم من المناضلين ـ الا ان يتخدوا الاحتياطات اللازمة في مثل هذه الظروف ويفروا بجلودهم، والعجيب ان جزءا هاما من هؤلاء المناضلين سيقضي الليلة مختبئافي شقة صديقنا محمد ابي معشر بساحة فلورنسا.
ملحوظة :المرحوم محمد ابو معشر صديق الطفولة وابن الحارة وابن المرحوم سي عمر جارنا.
عبد الهادي زوهري / قناعة الاختيار بوحدة اليسار