آخر الأخبار

الشخصيات التراثية في الملحون : أبو غبشان

سعيد عفلفل

شخصية أخرى من الشخصيات التراثية العربية التي وجدت لها صدى في المتن الملحوني ولو بوثيرة أقل من الشخصيات التي سبق وأن ادرجناها في هذه السلسلة. حقيقية لم أجد نصوصا كثيرة تحدثت عن أبي غبشان، على الأقل في القصائد التي بحوزتي. لذا أوجه نداء لكل المهتمين بالملحون من شعراء و منشدين و “خزَّانة” و باحثين أن يبعثوا لي أبياتا من قصائد ذكر فيها أبو غبشان. وسأكون للجميع شاكراً ممتناً. ورد ذكر أبي غبشان في قصيدة “قصر لعنان” للشاعر الأديب الحاج إدريس بن علي. والواقع أن هذه القصيدة تعد تحفة من تحف الملحون، خريدة حقيقية من خرائد هذا التراث العظيم؛ هي مثال صارخ للهجاء في الملحون، إذ يشحذ الشاعر سيف “الشحط” و “الدق” و يوجه نباله الحادة لكل متطفل على الملحون، لكل شخص تجرأ على الإنشاد وهو بعيد كل البعد عن ” الگريحة”، لكل شيخ أراد المشيخة وهي ليست في متناوله.
أما أبو غبشان فهو رجل من خزاعة كان مسؤولا عن سِدانة الكعبة. واسمه الكامل هو سليم بن عمرو بن لؤي الخزاعي. يُحكى أن أبا غبشان اجتمع في أحد الأيام مع قُصي بن كلاب في بلدة الطائف قصد شرب الخمر، وبعد أن قضيا وقتهما في معاقرة الخمرة، ولما لعبت بنت العنب بلب أبي غبشان، استغل قصي الفرصة واشترى من أبي غبشان سِدانة الكعبة بزق من الخمر وأشهد عليه. أخذ قصي مفاتيح الكعبة وعاد إلى مكة فرحا مبتهجا. وصاح في قومه: ” يا معشر قريش، هذه مفاتيح أبيكم إسماعيل ردَّها الله عليكم من غير غدر ولا ظلم.”
ولما أفاق أبو غبشان ندم ندما شديدا ومن ثم جرى هذا القول :” أندم من أبي غبشان و أحمق من أبي غبشان و أخسر من أبي غبشان.” و قيل أيضا :” أخسر من صفقة أبي غبشان.”
وقد نظم بعضهم شعرا في هذه الواقعة فقيل :
” باعت خزاعة بيت الله إذ سكرت ** بزق خمر فبئست صفقة البادي
باعت سدانتها بالخمر و انقرضت ** عن المقام و ظل البيت و النادي. ”
وقال آخر:
إذا افتخرت خزاعة في قديم ** وجدنا فخرها شرب الخمور
وبيعا كعبة الرحمن جمعا ** بزق بئس ما افتخر الفجور. ”
هذه باختصار قصة أبي غبشان. والواقع أن شخصية أبي غبشان أصبحت حالة عربية دائمة الحضور. فأبناء و أحفاد أبي غبشان مازالوا معنا في كل عصر و في كل مصر يعرضون أماناتهم و مقدساتهم للبيع في أسواق النخاسة بأبخس الأثمان.
عودة إلى الملحون، نجد هذا البيت في قصيدة” قصر لعنان” لادريس بن علي كما اسلفنا الذكر.:
“خان العشران ** حين عرفوا فعلُه و تحققوا بنقصانُه ** باعوه كيف بيعة أبي غبشان.”
أجدد ندا ئي للكل قصد إغناء هذه الورقة بأبيات أخرى ذُكر فيها ابو غبشان. والله المستعان.