آخر الأخبار

الشخصيات التراثية في الملحون : جازية

سعيد عفلفل

جازية أو الجازية الهلالية إسم ورد كثيراً في قصائد الملحون. وجاء ذكرها مرتبطا بذكر حبيبة و معشوقة شاعر الملحون. أثناء الحديث عن حسن و جمال المعشوقة يُذكِّر الشاعر القراء و المتلقين و عموم الناس أن المرأة التي أحبها و عشقها و التي ذهبت بعقله تفرق جازية جمالا و حسنا. والكل كان يعرف أن الجازية الهلالية كانت مضرب الأمثال في الحسن و الجمال. تزوجت الجازية الأمير الهاشمي شكر بن هاشم ابو الفتوح. وكان حاكم مكة في القرن الخامس الهجري. وقد ذكر شعراء الملحون ابن هاشم هذا في قصائدهم و أبرزوا الحب الكبير الذي كان يكنه للجازية أم ولده الأمير محمد. يقول الحاج إدريس بن علي في قصيدة فضيلة :
” اعتبر بخبار قيس و ابن هاشم و ما جرى للعراقي با لغفيل *** عمر شرب الحب ما احلى *** ولا صاب المراد عاشق ف خليلة.”
و في قصيدة القاضي يقول الشيخ علي البغدادي :
” وابن هاشم يا الحذاق *** مهما غشاه لفراق *** مع جازية بعد أن كانت يا فهيم زوجُه و حلالُه.”
حين قرر أهل و قوم الجازية الرحيل في” تغريبتهم” نحو شمال أفريقيا، آثرت الجازية الذهاب مع أهلها، وتركت زوجها شريف مكة و ابنها محمد. نظم ابن هاشم قصيدة وجدانية جميلة يبكي فيها زوجته الجازية التي ذهبت مع قومها بنو هلال دون علمه. وكان يحبعا٦و تحبه.
هي الجازية بنت سرحان الدريدي نسبة لدريد أحد بطون بني هلال و هي اخت السلطان حسن بن سرحان. ولدت الجازية بصحراء نجد أوائل القرن الرابع الهجري. واسمها الأصلي نور بارق. كانت الجازية تحضى بمكانة أثيرة لدى قومها نظرا لرجاحة عقلها و حسن تدبيرها لأمور القبيلة. كانت تقف دائما في قلب معاركهم و غزواتهم؛ وكانت سيرتها تتردد بين الناس حتى يومنا هذا على اعتبار أنها أهم شخصيات السيرة الهلالية و لا ينافسها إلا الأمير أبو زيد الهلالي. فضلا عن هذه المميزات، كانت الجازية أسطورة الجمال الفاتن و كما جاء في السيرة، كانت : ” جميلة المنظر، لطيفة المخبر،. بديعة الجمال، عديمة المثال في الحسن و الكمال و فصاحة اللسان، لا يوجد مثلها في الخلق لا في الغرب و لا في الشرق.” و الجازية من أبرز قادة تغرببة بني هلال، ابلت بلاء حسنا في كل حروبهم و كانت تنزل وسط المعارك و تحث الفرسان و تشجعهم بلأشعار و الخطب. وهي من أشارت على بني هلال بإرسال أبي زيد الهلالي واثنين من فرسانهم لاستطلاع مملكة الزناتي خليفة في تونس قبل مهاجمتها.
بالعودة إلى شعر الملحون ، نسوق هنا بعض الأبيات التي ورد فيها ذكر الجازية.
في قصيدة زينب، يقول الحاج إدريس بن علي :
” زينب فاقت جازية و زين محاسن الاتراب *** يعشقها بدر الدجى يخضع و يعود سليب *** زينب من عشقي في زينها طال عذاب القلب.”
و يقول الشيخ علي البغدادي في قصيدة القاضي :
” ما ريت مثيل بهاك بعياني *** فقتي جازية و شمسية عبلة و راضية كانوا ناس زمان.”
و يقول الحاج محمد النجار في قصيدة طامو :
” بها تضرب لمثال *** حازت همة و كمال *** مذكورة بالحسن تنشكر*** فاقت عبلة و جازية دامية لبطاح.”
والمجال لا يسمح لذكر كل القصائد، وهي كثيرة، التي ذكرت فيها الجازية.