عما يحدث الآن في الشقيقة الجزائر يبين بالملموس أن الطبقة السياسية التي تولت الحكم بهذا البلد في العشرين سنة الماضية لم تكن رحيمة به وبالآشقاء الجزائريين. ذلك أنها لم تكتف بإهدار مئات الملايير من الدولارات التي تم جنيها من تصدير البترول والغاز، والتي كانت كافية لخلق نهضة اقتصادية واجتماعية كبرى ونمو عال،ولم تشجع الفساد والاغتناء غير المشووع اللذان خلقا مليارديرات بسرعة خيالية، بل قامت بإهدار الانتصار على الإرهاب و بتفكيك وإضعاف الدولة من أجل تمكين عصابة من السيطرة على كل شئ.
العصابة استعملت طموح شخص بوتفليقة الى الرئاسة أطول مدة انتقاما لنفسه مما لحقه في سبعينات القرن الماضي، بعد وفاة بومدين، وعداءه للجوار، الذي كانت له يد في جعله سياسة دولة، للسيطرة على الدولة والثروة وأيضا لتصفية الحسابات. وقد صفى بوتفليقة حساباته هو أيضا وخرب نخبة البلاد وسعى بكل الوسائل اللقضاء سياسيا على من جاؤوا به إلى الرئاسة كي لايشعره أحد أنه مدين له بشئ. وهكذا صنع الفراغ السياسي من حوله وأعاد للحزب الوحيد وضعه السابق بوجود تعددية هشة ومتحكم فيها بنسبة عالية.
عمليات الانتقام وتصفية الحسابات والاستفراد بكل شئ لم تكن لتمر في الجزائر كما أراد لها بوتفليقة ومن يستعملونه اليوم مريضا عاجزا، إذ كان الانتقام من الانتقام يتحين الفرصة ويترصد، وكان غضب الجماهير من الإهانة المترتبة عن عهدة خامسة مهينة لشعب وبلد فرصة لتتحرك القوى التي أخرجت من النظام مستغلة الضعف السياسي البين لمن ألفوا الولاء في مواجهة أزمة غير مسبوقة.
الضعف يتبين في اللجوء إلى سيناريو طبق الآصل لنهاية التسعينات، حيث جيئ اليوم برمطان العمامرة كما جيئ بالأمس ببوتفليقة بغرض خدمة الصورة الخارجية دون الانتباه إلى أن الزمن غير الزمن وأن النسخة لاتكون مطابقة للآصل تماما وأن خدمة الصورة تكون بالاستجابة لمطالب شعب عبر عنها بشكل رائع وحضاري وفوت على من يريد العودة القهقرى الفرصة. والاستجابة شئ والتحايل الذي يستغبي أصحابه فقط شئ آخر.
هنيئا للشعب الجزائري بالانتصار في هذا الشوط
محمد نجيب كومينة / الرباط