إدريس المغلشي
كثير من الأحداث تأتي تباعا لتوقظ فينا المواجع. وتعيد أمامنا للطرح أسئلة مقلقة ومفزعة .لماذا تزداد كلفة الانتماء للوطن وفي مقابلها يأبى أن يحتضن بدفء محبيه ومنتسبيه؟ لماذا لايبادلنا الحب بالعطف والعناية ؟ لماذا في كل مرة يدفعك لتعلل له انتماءك وتجدد له ولاءك وسبب وجودك دون الاخرين الذين احتلوا امكنة ومناصب فيه ليخططوا مسارك ونهايتك دون ان يستشيروك أو يطلعوك على أهدافهم وخططهم التي وسعت الفارق بيننا وبينهم وكلنا سواسي أبناء الوطن الواحد ؟ الوطنية ليس برفع علم تحت تأثير نشوة فوز عابر يندثر مع مرور الأيام. فالراقصون على احلامنا وآلامنا على خشبات مسرح الحياة يجيدون هذا الدور بامتياز .بل من المفروض علينا الوقوف أسفل منصتهم للتصفيق لهم والهتاف باسمهم .اغتنوا من فراغنا وفي بعض الأحيان من سفهنا وقلة حيلتنا ينشدون ويتغنون وقد لفوا العلم على اعناقهم معلنون الانتماء للوطن . في الفضاءات والمهرجانات الممولة من ميزانياتنا العامة في لحظة تقشف معلنة كما في الملاهي الليلية حيث السهرات الباذخة تتناثرالأوراق المالية الزرقاء على أرداف راقصة أصبحت من علية القوم بعدما رافقها الحرس عند المدخل بهيبة ووقار. الكل أصبح ديكورا ممعنا في البذالة حد الإسفاف ومفرغا من الجمال. الثراء الفاحش يستفز عيش البؤساء والفقراء الذين لاحول لهم ولا قوة ويطرح أسئلة من قبيل . ماهذا التفاوت الصارخ الذي اصبحنا نعاين بعدما استبد قطاع طرق بمعيشنا اليومي؟
الصحة والتعليم قطاعان أساسيان في مؤشرات التنمية لكل بلد يعيشان اسوا تدبير في مملكتنا السعيدة.لاتحتاج لجهد كبير لتبرهن على تدهورهما.فالنتائج والمؤشرات واضحة رغم الامكانات المهمة المرصودة.لقد اثبثت السياسة المتبعة عدم جدواها.بل كثيرمن الوزراء الذين تناوبوا على هذين القطاعين الحيويين لم تصمدمنهجيتهمافي المسار.وبقيت رهينة لوبيات متحكمة في مفاصلهما دون تحرر او انعتاق .
في عدة مواقف يثير وزير الصحة تساؤلات حول طريقة ردوده مع من يلتقيهم من المجتمع المدني. من قبيل من تمثل؟ واش انت ابن هذه المدينة ؟ أسئلة لاتوحي بالقدر الكافي من المسؤولية وما تستوجبه اللحظة من نضج كافي . لانشك لحظة ان البروفيسور خالد ايت الطالب وزير الصحة يواجه معيقات بنيوية تقف أمام تأهيل قطاع يعيش وضعية مزرية .أكبر اخفاق يلاحظ في تعامل مؤطريه غياب البعد الإنساني والأخلاقي عند بعض منتسبيه. قطاع أغلب مرتاديه من المرضى والمعطوبين المهمشين بل تشكلت قناعة راسخة عند الجميع ان المرتفق لايخرج عن الحالات الثلاث المعروفة: حالة تواجه موتا حتميا محققا وحالة تسرق وتهرب من خدمة العام لتموت في مصحات خاصة بعدما يتم الاحتيال على مبالغ مهمة وحالة تستنزف بين قتل للوقت وطول انتظار لتتجه صاغرة من العام وسوء الخدمة إلى ابتزاز القطاع الخاص . فرغم كل المحاولات المتعددة يبقى الاصلاح والنجاعة المنشودة اهدافا مؤجلة إلى حين أمام مشهد مقزز ومستفز . يتكرر بشكل عادي أمام أعيننا دون ان يحرك فينا شيء. في مستشفى عمومي فوضى في التدبير وسلطة الحرس وميزاجيته تكرس بيروقراطية من نوع خاص. المرضى اغلبهم ملقى على كراسي مهترئةفي صباح يوم اشتد قره لدرجة استحال معها الانتظار .الناس ضجرة قلقة من هذا الوضع لكن ليس باليد حيلة . حدث يلخص الصورة ويعطي الدلالة أننا بعيدون كل البعد عن الصور التي مافتىء يروج لها السيد الوزير .صورة بلاتعليق .
خرجت من القاعة بوزرتها البيضاء رافعة صوتها بشكل فج وهي تتكلم بخطاب خليط من الفرنسية والدارجة مع متصل بالهاتف .سألها أحد المرتفقين وهو يتبعها مهرولا وقد أعياه الإنتظار :” راه كنتسنى من 7h30 الصباح وهادي 11h30.”
أجابته دون ان تلتفت إليه ” ليس لدي الوقت الآن سارافق ابنتي لدورة التدريب وسأعود بعد ساعة .”
انتهى المشهد فانتهت معه احلامنا لغير رجعة .
لك الله ياوطني ..!