إدريس الأندلسي
أقول بكثير من الوعي و عدم معاداة أي جنس بشري بأن الصهيونية حركة عنصرية و لو أن الأمم المتحدة تراجعت عن قرار الجمعية العامة بضغط من الولايات المتحدة. الكل يعرف أن الصهيونية عنصرية و تمت ادانتها من طرف دول و شعوب العالم. و كانت فترة السبعينات تشهد معاداة العالم، بإستثناء لا يكاد يرى، للأنظمة العنصرية في إسرائيل و جنوب أفريقيا و ما كان يسمى ” بروديسيا العنصرية ” زمبابوي حاليا. و في يومنا الحاضر الصهيونية هي الوحيدة على الأرض التي لا زالت عنصرية و معادية للإنسانية. هذه الحركة تقصف المستشفيات و تقتل الأطفال و الشيوخ و النساء بالآلاف منذ أكثر من سبعين سنة. و اليوم تزيد قوة عنفها و كرهها لسكان فلسطين و تقصف مستشفى كما قصفت مدارسا مليئة بالأطفال و قصفت أسرا كاملة. و تقول للعالم ” أتحداك انت و الأمم المتحدة و جمعيات حقوق الإنسان ” ،سأستمر في القتل و التهجير و ان تكلم أحد سننعته بمعاداة السامية. سأستمر في قصف المستشفيات و لو غضب كل شعوب العالم و كل دول مجلس الأمن بما فيها الولايات المتحدة الإسرائيلية الأمريكية.
لقد سيطرنا ، تقول الصهيونية، على كل وسائل الإعلام و على برلمانات كثيرة و على كثير من المحاكم في بلدان أوروبية، وإن خالفوا أوامرنا عاقبناهم. قررنا قمع المظاهرات في فرنسا و أمرنا كل سلطاتها الانصياع لنا و إلا فسندمر كل مؤسساتها و كل النخب التي تحاول مواجهتنا . سنقصف المستشفيات و المدارس و الطرق و محطات المياه و سنفرض عليكم و على كل مؤسسات لندن و باريس و برلين الصمت و توقيع أقسى العقوبات على من يريد قول كلمة يشتم منها مساندة شعب فلسطين. لقد أصبحت أوروبا و أمريكا و سلطاتها خاضعة لنا و مجبرة على تمويل حاجياتنا من السلاح و البناء و المواصلات. لا تظنوا أن تحركات بلينكن و رئيسه بايدن هي بمحض ارادتهم. انهم خاضعون خانعون للأوامر التي تصدر عن حركتنا الصهيونية و بإمكاننا فرض برنامج زيارتنا على الجميع بما فيهم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. نعم سيتم تدمير المستشفيات مع التركيز على الأماكن المخصصة للأطفال و لو كانوا ممن يوجدون في الحاضنات الاصطناعية. كل فلسطيني ، و لو في حاضنة ، هو عدو مفترض و خطر على إسرائيل و لوكان رضيعا لأنه مشروع مناضل.
لن ترتاح الصهيونية حتى تمتص دم الأطفال و تدمير الحليب الموجه للرضع. و لن تعتبر الحق في الحياة حقا للجميع بل امتيازا للصهاينة دون غيرهم من شعوب العالم. ان تقارير الأمم المتحدة ممتلئة بحالات الاغتيالات و الأعمال العدوانية التي استهدفت مدارس الاونروا التابعة للأمم المتحدة و خلفت وراءها أشلاء الأطفال و النساء و الشيوخ و الكثير من الصحافيين. الصهيوني لا علاقة له بالدين اليهودي و لا بقيم حقوق الإنسان. الصهيوني قد يكون شيوعيا و كافرا بدين موسى و بكل الديانات. هدفه الأسمى منذ أن غادر شرق أوروبا و خصوصا روسيا هو تدمير قلب العالم الروحي من العراق إلى الشام بما في ذلك فلسطين.
تصوروا أن فرنسا التي كانت تدعم العدل و تعارض جرائم فلسطين، أصبحت تجرم كل كلمة دعم و مظاهرة مساندة و نقاش حر يهم القضية الفلسطينية. و من حسن الحظ أن بلاد الأنوار تختزن قوى الممانعة و الصمود أمام مد رجعي يحكم بلاد فولتير و روسو و ديدرو حاليا. و للعلم، كانت قوى اليمين و الوسط و اليسار في مقدمة المدافعين عن القضية الفلسطينية. و كان حزب فرانسوا ميتيران هو من فتح الباب لسيطرة الصهيونية على الفكر الحر و على العلوم الإنسانية. و هكذا تم تجريم كل قراءة للتاريخ لا تروق للحركة الصهيونية. من قصف مستشفى لا يمكن أن يكون إنسانا أو حتى حيوانا، إنه للبدائية أقرب من الحضارة المبنية على قيم الحرية و العدالة.
من يقصف المستشفى لا مكان له في الحضور الديبلوماسي لبلادنا. المملكة المغربية لا يمكن أن تسكت أو أن لا تدين من يعبث بكل المبادىء الإنسانية. من يقصفون المستشفى و المدرسة سيحاكمهم العالم و لو تطلب الأمر إنتظار سنين أو عشرات السنين. أضاع الغرب هيبته الحضارية و تراجع ميزان أخلاقه. زادت درجات تراجعه الثقافية و أصبح ممن اصيبوا بالعمى و التمييز بين المجرم و ضحيته. هذا الغرب صنع الإستعمار و الاستغلال و تدمير الشعوب و هو المسؤول الأول عن الهمجية التي تسود العالم بمباركة منه. كل ما يحصل الآن ، هو هذا الواقع الذي ينذر بغد سينبث في الأرض عروقا تسقي جسم المظلوم للقضاء على الظالم.