ادريس الأندلسي
لا زال الجزء الأكبر من الدمار و القتل في غزة مغيبا عن أعين العالم بقرار من غرب تناسى الأنوار ليظل مسيطرا في غياهب الظلام. و سهر العنصريون الذين رضعوا مخدرات من مصادر توراتية تتقطر عنفا و قتلا و لا تريد غير استعباد العالم أجمع. قتلت قبائل يهودا كل من قال لا لترهاتهم و اعتبارهم شعبا مختارا. صنعوا ربا على صورتهم كمجرمين و سموه كما أرادوا. حرقوا الإبل و الاغنام و الأبقار و لازالوا ينتظرون بقرة حددوا مواصفاتها و لكنهم لن يسروا الناظرين بإجرامهم مهما فعلوا. هم يقتلون و يسفكون كل الدماء و يحللون كل الموبقات بإسم يهوه ، و يتعارك يعقوب مع يهوه لكي يظل نسل إسرائيل، و هو الإسم الجديد ليعقوب، بعد مصارعته للرب الذي صنعته قبائل تعبد الإجرام. قيل أنهم تشتتوا في الأرض. و لم تتعدى حدود هذه الأرض بلاد الشام و العراق. و فجأة ظهرت ،قبل قرن و نصف من زماننا هذا ،سلالة مجنونة بعشقها للدمار في شرق أوروبا و اتخذ ملكها قرار تهويد شعبه. و هكذا ظهر ما يسمى الاشكيناز الأوائل في مملكة الخرز و تجمعت اقليات كانت في وسط أوروبا. و حاول الصهاينة كتابة تاريخ يرجع اصلهم إلى الزمن الروماني في الشرق و مغادرتهم إتجاه أوروبا .و هكذا سلم من تمت تسميتهم الاشكيناز، في أغلبهم، من بطش النازية و تم إتخاذ قرار التضحية بيهود الشرق لأن أغلبهم اختاروا عدم الاستجابة للصهاينة و تورطهم مع الإستعمار البريطاني. و أظهر الفيلسوف و المؤرخ ” رجاء غارودي” حقيقية أسطورة الصهيونية و جريمة النازية. و لنا في الفرق الكبير بين اليهود” الصيفرديم” و غيرهم من اليهود دليل على قضية في الأصل يلفها الكثير من التعتيم.
و يظل الخيط الرابط بين كل مكونات الصهيونية هو رغبتهم الجامحة في السيطرة على الأرض و الرغبة في اخضاع الإنسان غير اليهودي. لذلك كان هدف أبوهم الايديولوجي هيرتزل و منظر الصهيونية و الوكالة اليهودية “الشيوعي” بن غوريون هو تسويق صورة مزورة عن اليهودي المتاجر بكل شيء إلى اليهودي الذي يريد بناء جدار بين الغرب الأوروبي و الشرق عموما كعدو للحضارة. و أصبح التضليل الفكري و الكذب بإسم قيم غربية أداة لنسيان معاناة يهودية مع الغرب ، و صنع ايديولوجية الضحية الذي يظل المدافع عن الغرب و الوصي على مؤسساته. وهكذا غدر الاشكيناز بيهود الشرق ذوي الجذور الفكرية التي نهلت من الفكر الفلسفي العالمي، و الذي حملته الشام و بغداد فارس و الأندلس، و تحولوا من اقلية ،غير معترف بقدرتها الفكرية و العقائدية، إلى فئة مسيطرة على القرار إلى يومنا هذا. و لم ينس يهود شرق و وسط أوروبا بيئة العنف التي كانت تربة تجدر فيها عنفهم و ساديتهم.
و ازداد دور الصهاينة العلمانيين في تعاملهم مع استغلال كل أشكال العنف التلمودية لأنها تخدم ايديولوجية السيطرة على الأرض و إبادة أصحابها. و هذا ما يتجاهله المطبعون من عرب عاربة و أخرى مستعربة. الصهيونية لا تعتبر السيطرة على فلسطين و إبادة شعبها هدفا أقصى. حين يرقص اليهود الصهاينة في دبي، فذلك تعبير عن فرحة تكسير جدار نحو كل دول الخليج. و يمتد عملهم إلى الضغط على دول الغرب لدفع كل دول الشرق و الغرب العربي و الإسلامي من إقامة علاقات مع إسرائيل. و يتم استغلال كل النزاعات بين الدول العربية لكي يتسللوا إلى منطقة التأثير على القرار و تأجيج الصراعات في المنطقة. و لا يمكن اغفال الدور الإسرائيلي في استغلال العبث الرسمي الجزائري بقضايا المغرب الكبير و على رأسها وحدة أراضيها المغربية.
لا يمكن أن ننسى، و لا يجب أن ننسى أن الغرب الإستعماري وقع تحت سيطرة الصهيونية و نسي كل القيم التي نادى بها صناع المؤسسات الديمقراطية و منظومة حقوق الإنسان. هذا الغرب، و يستثنى منه رسميا بعض الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، و البقية آتية بضغط من الشعوب على أنظمة من صنيعة اللوبيات الصهيونية، لم يعد قادرا على الكلام. لم يعد ينظر إلى جثة رضيع كجريمة كبرى ضد الحق في الحياة. هذا الغرب الأمريكي و الأوروبي، المساند للإبادة الجماعية و للجرائم ضد الإنسانية، لا يريد أن يساند حق المغتال في دفن جثته. هذا الغرب، الذي صنع محكمة العدل الدولية و المحكمة الجنائية الدولية ، يريد معاقبة قضاة هاتين المحكمتين لأنهم قالوا ما يفرضه القانون الدولي و ما اتفقت عليه الإنسانية من حقوق ضد كل قوى الإستعمار و إبادة الشعوب و مرتكبي جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية. الواقع عرى وجه الغرب الحقيقي الذي تعبر عنه مؤسسات رسمية في فرنسا و أمريكا و إنجلترا. و لكن طلاب الغرب و قوى التغيير و العمال يقفون بالمرصاد لحكامهم. و يقف كثير من مفكري اليهود، غير الصهاينة، للقول أن صناعة دولة مارقة إسمها إسرائيل قد وصلت إلى مرحلة الإفلاس. قبل قرن من زماننا ظهرت سياسات معاداة اليهود في أوروبا و كانت لها آثار على السياسة العالمية. و نوجد اليوم في إتجاه معاكس لما حصل بالأمس. إسرائيل تقتل منذ 75 سنة شعبا رحب باليهود في بيته، و تصادر أراضيه و تحرمه من حقه في الحياة. و هذا ما يدفع العالم اليوم في مساندة شعب فلسطين، ليسا معاداة للسامية، و لكن اقرارا بجرائم الصهيونية. أكبر أعداء السامية هم الصهاينة، و أكبر المسيطرين على صناعة العداوة للسامية هم لوبيات استدامة سيطرة الغرب على الموارد الطبيعية و البشرية و المالية و الإقتصادية. و أكبر المدافعين عن الحق في الحياة هم ضحايا الصهيونية و شباب العالم المنفتح على القيم الإنسانية و الحضارية الكونية. العنصرية أصبحت، في يومنا، مجالا للاختصاص في دمار الإنسانية بإسم الصهاينة. و وجب شكر لمن حرقوا الأقنعة الغربية المنتجة لإمبراطوريات الكذب على التاريخ . لم تعد السامية تلك المشنقة التي تهدد من لم يعاديها. ولكن فضح الاعيبها الدموية في غرب وفي دولة اسستها أجهزة الاستخبارات بدل مؤسسات. شكرا لكل من كشف عنف الصهيونية و كذبها داخل جامعات تل أبيب و حيفا و نيويورك و ميامي و لندن و باريس و إنجلترا. لقد اكتشف طلاب جامعات العالم أجمع أن الصهيونية خطر على السلم العالمي. لقد أكتشف العالم أجمع أن المعادي للسامية هو الذي دمر المستشفيات و قتل الأطفال و احتل الأرض و اغتال كل القيم الإنسانية. و لكل هذا وجب التأكيد أن المجرمين الصهاينة سيحاكمون كما حوكم اجدادهم الحقيقيون في نورنمبيرغ غداة الحرب العالمية الثانية.