كفاكم استفزازا…! فالنوتات المدعمة لم تعد تطربنا ، لأن الفن ليس أولوية في وطن يئن تحت وطأة الحاجة وكثير من الصدمات.الفن لا أحد ينكر دوره في تهذيب الذوق وتأطير المجتمع والمساهمة في رفع منسوب الإحساس بالإنتماء للوطن. إنه مجال لايمكن أن يخرج عن السياق الوطني في انتمائه للمشاعر العامة الناقلة لهموم الناس واللصيقة باهتماماته. الفنان الحقيقي والأصيل بطبعه عفيف ، هو الفنان العضوي المرهف الحس الصادق في الخطاب الوجداني والذي يحمل في رصيده حب الناس بلاحدود ولامقابل ، تأشيرته مايقدم بوفاء لمساره المهني. تأخذه العزة بالنفس فلا يستجدي أحدا وقد يغادر هذا العالم دون أن يورث أهله درهما. يعيش على الكفاف والقناعة وهو يقدم أغلى مايملك ، إنجازه المفرد الذي يبقى خالدا مهما تكالبت عليه أصوات طفيلية. يبقى شامخا لايندثر. وهنا لا أقصد بكلامي من يتسللون تحت مسميات عديدة من أجل امتصاص مقدرات الوطن الذي يعيش اختلالا بنيويا في توزيع ثرواته زورا وبهتانا ، جيل من الإنتهازيين تقدمهم وسائل إعلام متواطئة للمواطن على أنهم نخبة ومنارة للفكر والثقافة بمساحيق متعددة لاتضمن لهم البقاء لمدة أطول ، لقد صدمتنا إحدى القنوات العمومية في مناسبة سابقة وهي تقوم بروبورتاجات مع سبق إصرار وترصد حول المعيش اليومي لبعض أدعياء الفن و تجار الفرحة ومقرصني حقوق البث التي تأتي على شگل غصة ، من طفوا على السطح في ظرف وجيز وأصبحوا يعيشون في قصور بضيعات شاسعة، يطمعون في كل شيء مهما بلغت قيمته “لغرامةمن 10 إلى 20درهم ” في زفاف متواضع يضم في أغلبه من الحضور مجموعة من المياومين المتسكعين ينشدون الفرجة بأقل كلفة ،لقد سلطوا الضوء في برنامجهم على هدف واحد : كيف يوصلوا فكرة وحيدة وقناعة راسخة لشبابنا الطموح أن كل هؤلاء النماذج ترفل في النعم وكل هذا الغنى دون أن يتموا مسارهم في المدرسة وتلقي العلم ، إنهم مجموعة من الأميين لايستطيعون كتابة أسمائهم ومع ذلك ينعمون وسط أرصدة مالية لاقبل للطلبة والدكاترة المعطلين بها وهم يتلقون أشد الإهانات والتنكيل أمام مؤسسة البرلمان وفي شوارع العاصمة. بينما ينعم الرعاع في مقدرات الوطن. في زمن حكومة مسلوبة الإرادة وغير قادرة على احترام مشاعر الناس ، في زمن كورونا والحس التضامني و الإقتطاع المغتصب من رواتب المقهورين ولحظة إيقاف كل الحوافز نعيش زمن السفاهة بكل أركانها دون شعور بذرة خجل.
أين أنت يارئيس الحكومة من مشاعر الناس وباقي مكونات الوطن الذين قهرهم العوز والحاجة لدرجة تدفعهم أغلبيتهم لبيع ممتلكاتهم ؟
إنه زمن النوتات التي تكاثرت حتى أفسدت علينا الذوق ولم نعد قادرين على استيعاب الموقف ، لقد أصبحت تشبه لحد بعيد مشانق معلقة على ابواب المدينة وعلى الرؤوس تقرع الأجراس. تأتي في الليل كنعيق غراب ينذر بمذبحة وقعت بتواطؤ بين أفراد عصابة صادرت منا حق الكلام ، وكرامة العيش ولم نعد قادرين على استيعاب اللحظة ،كم من المآسي بوطني لاتراها العين في زمن أصابها الرمد ،لم تعد تبالي بهموم الناس ، الرؤية لوحدها فعلا لاتكفي لأن المثل المغربي يقول “الشوف مابرد الجوف ”
ترقص على جراحنا وأجسادنا المنهكة من ضنك العيش ذئاب وهي تتلذذ بعذاباتنا بشكل سادي قل نظيره. فضيحة تلو فضيحة ومرحلة موسومة بالإنتكاسات وتناقض في الخطاب. حكومة لاشعبية وقرارات مدانةلم تراع مكونات الوطن الذي كما تستنفره عمليات التضامن تستفزه مثل هذه السفاهات والتفاهات التي لاتتوقف. فمن ينتظر من الغناء في وقت الشدة أن ينوب عن آهاتنا وأوجاعنا وآلامنا وصرخاتنا ، فنخبره أننا لانجيد سوى عزف أنشودة العزة والكرامة. سمفونية الرجال فسجل ياتاريخ…!
أن بعض الأنذال خانتهم قريحة الإبداع والإنصاف فأمطرونا قرارت صاعقة. لن نغفر لكم هذه الزلات.
ذ ادريس المغلشي.