الطاحونة تلك الالة العجيبة و العنيفة في نفس الوقت التي تمارس فعلها في صمت بلا ضجيج ولا فوضى، فرغم نعومة اليد التي تدوس على الزر بقفازة حريرية حتى لاتصاب بعدوى الفعل فانها تنجز انشطتها مسترسلة دون توقف ، تخلف وراءها ضحايا تلو الضحايا ومع ذلك فهي مستترة و مستمرة. سيتساءل الكثير ماعلاقة الطاحونة بالمراجيح ؟
وكيف لمفردة مجرد ذكر اسمها تحضركلمة الضحية هكذا .؟
كيف ستتقابل كلمة وحيدة امام اخرى في صيغة الجمع. والمقابلة يعني ندا للند بجرعة زائدة نحو مغامرة ومعادلة غير متكافئة ؟ كلها استفهامات مشروعة تتيح للمتتبع الوقوف على مدى الكم الهائل من المعاناة التي وصل اليها المواطن امام هيئات واليات فتاكة لاترحم .
المراجيح الة فريدة تساعد على الاسترخاء كما تدفع للنوم كل من استقلها عن طواعية او مجبرا فتجعله ينسى كل شيء بعدما نغصت حياته هموم ومشاكل حيث تنقله من الضجر والقلق والبكاء احيانا الى النوم الهادئ المريح . والنسيان او التناسي حتى لايتذكر بعد علمه شيئا. سيبحث في ملفه عن معيشه ابتداء من يومه وسيضع امسه في سلة المهملات واللامبالاة.
نحن نعيش فلاشات مقلقة اصبحت كمؤشر رئيسي لمنسوب الوطنية في بلد يدعي انه الاجمل في العالم. كل الاختلالات التي اصابت التسيير لمدة غير يسيرة و الاموال المهربة والمسروقة ،والريع الظاهر منه والخفي الذي يحبس الانفاس في تراكمه وارقامه المخيفة التي يصعب عدها وحصرها. كل هذا الضياع الذي نشاهده ونلحظه ونتتبعه دون محاسبة الفاعلين والمتسببين فيه. يثير قلقا لاحدود له في انفس اناس يحركهم قلق التفكير انهم الاشقياء الذين يحملون هم المستقبل والبحث كيف يستطيعون الخروج من جحيم المعاناة الذي لايطاق ،والذي اصبح يوسع الفارق فيه بين صنفين من المجتمع في الوضع الراهن كما اوردته اغنية الشيخ امام “هوما مين… واحنا مين ”
لقد اصبحنا ضحايا وارقاما لاقيمة لها في مخططاتهم ، نحن ايها السادة مجرد متفرجين سلبيين لاتحرك فيهم الاحداث رغبة التغيير ولاتؤثر فيهم . كل هذا الحجم المكلف والمخيف من الموارد الضائعة سيؤديه المواطن لوحده . ولااحد سواه ، لن ندقق في تفاصيله ولن نغوص فيها حتى لانغرق.
من يمسك بالطاحونة هو نفسه من يوفر الطواحين بالعدد الكافي لتؤدي نفس الدور ،كل حسب درجة مناعته ومقاومته وبتواطؤ مكشوف من ساسة لا يجيدون سوى الدياثة والابقاء على نفس الوضع مادامت هناك مصالح مشتركة فهم قادرون على تبرير الطحن وتحريك المراجيح. عبر قرارات لاشعبية تخدم منفذي العمليتين. ورفع شعارات لاعلاقة لها بالوضع القائم مادمنا نقف على نفس النتيجة المهينة والمكلفة دون ان نبدي ردة فعل والرقم في ارتفاع متزايد ومهول . فمتى نوقف هذا النزيف لتغيير الوضع لاحسن منه ؟
ذ ادريس المغلشي.