قال عبد المالك العلوي، رئيس المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي، إن كتاب “الطريق المغربي ، مسار مملكة في تحول”- مؤلف جماعي أعده المعهد-، هو نوع المذكرات الاستراتيجية للمغرب خلال العشرين سنة الماضية.
وأوضح عبد المالك العلوي في حوار لإذاعة “راديو أفريكا”، أن “هذا الكتاب لا يمثل حصيلة، وإنما نوعا من المذكرات الاستراتيجية للمغرب تنضاف إلى منشوراتنا الأخرى التي تكتسي طابعا تقنيا أكثر، وتواتر أكثر انتظاما في النشر”.
وأضاف أن هذا الكتاب هو ثمرة “قناعة راسخة”، لأن معظم أعضاء المعهد يدركون أن المسار المعاصر للمغرب “يحتاج إلى شرح وتحليل لدى الناشئة والقوى الحية للبلاد، مثلما يحتاج إلى تخليد في ثنايا الزمن، فضلا عن استكشاف عناصر أفق أخرى”.
ووفقا لمؤسس المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي، فإن الأمر يتعلق بالمقاربة الطبيعية التي اعتمدتها مؤسسة التفكير طوال الخمسة عشر عاما الماضية ، وذلك من خلال إصدارها لمؤلف كبير كل أربع أو خمس سنوات في المعدل.
وأشار عبد المالك العلوي، في معرض تطرقه لبعض استنتاجات الكتاب المرتبطة بالنمو الاقتصادي في المغرب، إلى أن المقاربة الاقتصادية، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كانت بالأساس مقاربة “براغماتية”.
وأوضح أن “المغرب انخرط بداية في مرحلة (الكينزية)، مدفوعة بالاستثمار والبنية التحتية”، مضيفا أن تلك الفترة تلها مرحلة ثانية اتسمت ب”اندماج أفضل” للمغرب في العالم من خلال المبادلات التجارية، وخاصة مع إفريقيا جنوب الصحراء.
وتابع أن المملكة انخرطت بعد ذلك في مرحلة ثالثة لا زالت متواصلة حتى اليوم والتي تحتل فيها التنمية البشرية مكانة محورية قياسا بأنماط التنمية الأخرى.
وإجمالا، يلخص عبد المالك العلوي الذي شارك في تأليف الكتاب، فإن المغرب سلك طريقا شمل “الكثير من التعديلات والتحولات والتغييرات “، مؤكدا أن أنه لا توجد نظريات اقتصادية غير قابلة للتغيير وأن المغرب يتصرف وفق سياقاته.
وقال عبد المالك العلوي إن السنوات العشرين الماضية تميزت أيضا بالانفتاح على العالم، مشيرا في هذا الصدد، إلى توقيع المغرب اتفاقيات للتبادل الحر مع 56 دولة، 90 في المائة منها تم توقيعها في عهد جلالة الملك محمد السادس.
وتابع أنه على مدى عشرين عاما، كان هناك أيضا تطور ملحوظ من حيث حجم ونطاق الاستثمار الأجنبي المباشر، ولاسيما مع شركة “رونو” و”بي إس إي” التي تنتج ما بين 200 ألف و300 ألف سيارة سنويا، ومع شركة “بوينغ” مع منظومتها الصناعية بالمملكة البالغة ما قيمته مليار أورو، وخط سككي للقطار فائق السرعة طنجة-الدر البيضاء، فضلا عن تطوير شبكة طرقية تمتد على ألف و600 كلم مقابل 98 كلم فقط في العام 1999.
من جهة أخرى، أشار عبد المالك العلوي، فيما يتعلق بالمناخ، إلى أن المغرب اختار الانتقال الإيكولوجي والتنمية المستدامة، مشددا على أن الأهداف الطموحة التي حددتها المملكة تمثل قاعدة ارتكاز لموقعها ك”محور أخضر” في إفريقيا .
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع إفريقيا، أبرز أن توجه المغرب خلال العشرين سنة الماضية تميزت ب”المزاوجة” بين التعددية، من خلال العودة إلى الاتحاد الأفريقي، والثنائية من خلال علاقات متينة مع العديد البلدان وفقا للنهج الذي سطره جلالة المغفور له الحسن الثاني.
ويعد كتاب “الطريق المغربي ، مسار مملكة في تحول” المؤلف الثالث في سلسلة أعدها المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي في عام 2009، و”المغرب الاستراتيجي” في عام 2014. وشارك في تأليف الكتاب حوالي خمسة عشر مؤلفا ومؤلفة، وهو بمثابة تفكير استراتيجي حول المغرب في العام 2019، وتسليط للضوء على ديناميات التنمية التي عرفتها المملكة على مدى 20 سنة الماضية.