الدكتورة سهام الصقلي
خلال سنوات ممارستي الطبية، عشت تناقضا حادا، فيما يخص شهادة العذرية.
فالشهادات بصفة عامة ، الواجب المهني يحتم ضرورة تسليمها لأي شخص ، لتحديد حالة صحية معينة، مرض أو عجز أو بالعكس سلامة بدنية أو نفسية أو عقلية،
إلا أن شهادة العذرية، لا يرجى منها ، التأكد من سلامة الفتاة، لأن غشاء البكارة أصلا ليس له أي دور وظيفي في جسم المرأة، و لكن في البلاد العربية الإسلامية، دوره عظيم، قد يطمأن” على سلامة البضاعة”، و قد يهدم بنيان عاءلة، و يحطم مستقبل فتاة و قد يفضي إلى جريمة أو انتحار ، عند عقليات متخلفة.
بالنسبة للمقبلات على الزواج، تحضر الفتاة لوحدها، اوبرفقة والدتها ، او خطيبها، أو حتى أم الخطيب، يترقبون بنوع من الحذر نتيجة الفحص و كأن مشروع الزواج قاءم على غشاء ، و ممكن هدمه في رمشة عين.
أما الحالات الأخرى التي تكون العذرية موضوع شك عند المعنية بالأمر أو في محيطها، فأكاد أقول أن “الجانية” حسب عرفهم، تساق” كالبهيمة”، للفحص، من طرف أخ أو أب أو أم ، أو ربما الزوج بعد ليلة دخلة غير مثمرة، مادام
لم يسل دما يطمأنه على سلامة “سلعته”
كنت في السنوات الاولى، أحاول دائما تهدئة الوضع و طمأنة الخواطر، و أقوم بعملي بصدق، اطلب خبرة في الحالات الشائكة
وللتذكير فالعذرية مرتبطة بغشاء رقيق ومرن ، و في حالات أخرى سميك و صلب يصعب أو يستحيل معه الولوج، يستدعي تدخلا جراحيا و ممكن أن لا يوجد اصلا، كما أنه غالبا ما يتوسطه ثقبا صغيرا يسمح بسيلان دم الحيض، و في بعض الحالات هذا الثقب غير موجود ، كما أنه يمكن “ترقيعه”.
هذه كلها حالات تفسر مشاكل مرتبطة بالإيلاج، و للطبيب دور كبير في تشخيصها و حلها
إلا أنني لست فقط طبيبة ، فأنا مناضلة من أجل حقوق المراة، و حقوق الإنسان بصفة عامة، و اعتبر تقزيم مكانة و قيمة النساء ، في غشاء لا يساوى شيءا، في سلم الوظائف الطبيعية التي يزخر بها جسمها و الملكات العقلية و الفكرية و الشعورية التي تجعل منها إنسانا كاملا و منبعا للحب و السعادة ، هذا التقزيم، تحقير للمرأة و تمييز ضدها ، بالمقارنة مع الرجل، الذي لا تطلب منه عذرية بل يتباهى بتعدد علاقاته، المساواة ليست فقط خطاب موسمي بل تطبيق يومي
أليس من الأجدر الأهتمام بالمشترك بين الأزواج المقبلين ، مبادىء و افكار، مشاريع مستقبلية ، تحفيز متبادل، التركيز على الأحاسيس و على ذاك الرابط الابدي: الحب و التراضي و الإنتشاء الجنسي .
كنت دائما أكرر هذا الخطاب على طالبي الشهادة، و آخد كثيرا من وقتي، لمحاولة تغيير عقليات متحجرة.
إلا أنني اقتنعت أخيرا أن مجرد قبول إنجاز هذه الشهادة، هو تمييز ضد المرأة و تعبير عن تسليعها ، صرت أرفض تسليمها إلا فيما يخص الطب الشرعي، أي حالات الأغتصاب أو ما شابهه و هذا موضوع آخر.