إدريس الأندلسي
يجب أن نعرف أن الغرب هو الذي كان الفاعل الأساسي في مسألة حرق بعض اليهود بالتوافق مع النازية و بتواطؤ مع صناع الصهيونية. تم الأمر بكتابة لتاريخ مزور يخفي فعل الفاعلين الأساسيين في قتل و سلب يهود، أكثرهم فقراء ، رفضوا مغادرة الأماكن التي عاش فيها اجدادهم منذ قرون. الأمر و ما فيه هو أن الصهيونية صناعة غربية لهجوم لجنس غير يهودي مصدره روسي و استغلال لتاريخ شرقي لخلق واقع جديد في منطقة اتسعت منذ آلاف السنين لكل البشر. هناك ابتكر السومريون الكتابة قبل أن ” تكتب الواح موسى”. و هناك وجد المؤرخون كل الأساطير و الحكايات التي جاءت بها الديانات التي تسمى اليوم بالإبراهيمية . الأمر بشري و تطور بين بني البشر و لا علاقة له بخالق الأكوان. أما الخالق الأحد و الخلق المتنوع فذلك يدخل في مجال الإيمان بالمطلق أو بعدمه . لكن الجريمة صنعها و ارتكبها بنو صهيون المدعومون بقيادات في دول الغرب فقدوا كل ارتباط بقيم العدل و المساواة و تقديس الحق في الحياة. و لنا في الهجوم البوليسي على الجامعات في أوروبا و أمريكا خير دليل على دعم العنصرية الصهيونية و الغربية للظلم و الظلام و لاغتيال القيم .
خلال حرب العراق الأولى و الثانية كان هجوم الطائرات الأمريكية على أراض خارج المدن، تبين فيما بعد أنها امكنة تضم آلاف الألواح السومرية التي تسطر تاريخا ذو آثار على محو قدسية عن نصوص قيل أنها جاءت ” من السماء ” بعد الفي سنة و قبل رسالة “لكليم الله ” . يقول الكثير من الباحثين أن أساطير الأولين عرفت قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. و للأساطير حياة تتجاوز عشرات الآلاف من السنين جسدته حضارات شرقية و غربية كانت أكثرها تأثيرا على المخيال التاريخي تلك التي اتخذت من وادي النيل، الممتد من عمق افريقيا الى البحر الأبيض المتوسط، مجالا لإنتاج الطقوس الفرعونية.
ويمكن القول أن قراءة التاريخ هي أكثر أشكال التفكير تعرضا لخطر التزوير. قد يجتهد علماء البحث عن الوثيقة و عن أسرار و مناهج علم الآثار، و قد يتشكل خطاب ،حمال لخيال ديني أو ايديولوجي، ليوجه وابلا من القذائف على كل العلوم و خصوصا على اعمال العقل . و يوجد أكبر مخادعي علم التاريخ و الاركيولوجيا من الصهاينة و خصوصا من لا علاقة لهم بما يسمى بالجذور ” السامية” ضمن موجهي القذائف . و لقد لاحظنا، كما شاهد العالم أجمع ،أن مجرمي الصهيونية يوجهون الصواريخ نحو المستشفيات و الأطفال و النساء ، و يوجهون قنابل كبيرة ضد الحقيقة التاريخية. بحثوا و مولوا بالملايير حملات للبحث عن هيكل سليمان و لم يجدوا أي أثر و لا بقايا خلية واحدة لأي أسطورة توراتية. و لكن عنفهم المكلف اوروبيا و أمريكيا لا يتوقف لكي يهاجم الأطباء و المهندسين و المعماريين و المؤرخين و الباحثين في كل المجالات. يقولون لمن شكك في اساطيرهم أنه معاد للسامية ، و أغلبهم ليسوا ساميين بالمفهوم العرقي و التاريخي و الديني لهذا المؤشر العنصري. كل سكان الشرق الأوسط ساميون و لا يهتمون بذلك. و لكن الصهاينة ، مزورو التاريخ و قتلة الأطفال، يصرون على الانتماء ليعقوب ،أبو النبي يوسف، والذي فقد بصره من فرط البكاء على فلذة كبده و أحد أصغر أبناءه لمجرد حلم أو رؤيا. هل سيرضى يعقوب و نسله على من يقتلون الرضع و النساء و يرمون بهم أحياء في ” غياهب الجب” و في الحفر الكبيرة. إنها جرائم تجاوزت أفعال هتلر و هولاكو. المعلوم أن من قال لهم نبي الله يوسف ” ادخلوا مصر أن شاء الله آمنين ” ليسوا صهاينة القرن العشرين و ليسوا من أبناء يعقوب الذين انجبوا، حسب التوراة و القرآن، كليم الله موسى.
سلطات الدول التي تسمي نفسها بالمتقدمة و بالديمقراطية تشبه إلى حد كبير دولة النازيين. صنعت هذه الدول قبل قرن فيروسا سموه دولة ، و وافقوا على أيديولوجيا عنصرية صهيونية. و اليوم ، و بعد أن فضحت وسائل الإعلام مجازر العسكر الإسرائيلي في غزة، تواصل قوات الأمن في الولايات المتحدة و في كثير من دول أوروبا عمل الصهيونية و جرائمها في المستشفيات و المدارس و المنازل. و الآن بدأت محكمة التاريخ تزلزل الكذب المسمى بالتوراتي و كل القوانين التي تم فرضها على مجتمعات غربية و جامعات لكي تظل غانعة و مذعنة للأوامر بعدم تصحيح التاريخ . أسطورة إسرائيل تم تمويل تقديسها بملايير الدولارات و بأحكام سجنية ضد المؤرخين و الفنانين و بكثير من الاغتيالات أمام أعين أجهزة الاستخبارات الغربية. و لكن الأسطورة تظل عديمة القدرة على التجذر في التاريخ مهما حاول المزورون.
و تظل الجامعات منارات للعلم و للوعي بالتاريخ. نعلم أن جهودا بدلت لتحويل المعاهد و الكليات إلى مقاولات لتعميم الجهل بالحقيقة و تغييب العقل. و نعلم كم حاول أصحاب المصالح المالية تحويل الحصول على العلوم إلى مجرد سلعة لها سعر في سوق العرض و الطلب. و لكن التاريخ يظل عنيدا و متمردا على المزورين و على من يريدون فرض الصمت على كل من يريد قول كلمة حق أمام ما يقع من جرائم ضد الإنسانية في غزة و في كثير من البلاد. و لهذا سطع نور الرفض للجريمة الصهيونية من قلب أكبر الجامعات الأمريكية و الأوروبية و أكبرها تمويلا و انتقاءا طبقيا و اجتماعيا للطلبة . و يظل الأمل كبيرا في غد فلسطيني و موعدا مع الإنسانية جمعاء في قيمها المبنية على الإخاء و المساواة و نبذ العنف بكل أشكاله. إنها البداية و ما أجمل البدايات حين تنبع من الجامعات.