لا ثقة في العياشة ( أو كما يسميهم الإخوة الجزائريون : الشياتة )، فهم مستعدين للانقلاب ب 180 درجة دون أن يرف لهم جفن، لأنه لايرف عادة، والانتقال من موقف إلى نقيضه متى تبين لهم أن من “يشيتون” أو “يعيشون لهم قد باتوا في خبر كان ولم يعد معولا عليهم لتحقيق مصالح أو الفوز بمواقع أو الاستفادة من ريع…وقد يحصل أن تجد أشرس أعداء الديمقراطية وأردأ المخبرين وأحط أنواع البشر يحملون شعارات من المفروض أن يحملها ضدهم الناس كي يتواروا عن الآنظار
مناسبة هذا الكلام هي ما صدر عن جبهة التحرير الوطني، حزب الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة، من مواقف جديدة مساندة للحراك الشعبي وكذلك ماصدر عن أعضاء في حزب التجمع الوطني الديمقراطي لصاحبه أويحيى، الذي كان حزبا مصنوعا على نمط أحزابنا الإدارية ليكون احتياطيا ووسيلة لصنع أعلبيات برلمانية مساندة لحكومات صورية، يساندون هم أيضا الحراك ويتهمون جهات غير دستورية بالممارسة الفعلية للحكم.
أتصور أن هؤلاء لو حصل ونظر إليهم الرئيس بوتفليقة، حتى وهو لايقوى على الحركة، ل”بالوا” في سراويلهم ولآنكروا كل ماصدر عنهم. للانتهازيين الجبناء، أينما وجدوا، نفس الخصائص ونفس الآخلاق، بل اللاأخلاق، والخطير أن بمقدورهم دائما المناورة من أجل مصادرة كل شئ من أجل إعادة الآمور القهقرى.
يذكرونني بعدد من الموظفين في إداراتنا الذين يلتحقون بسرعة بحزب الوزير الجديد ويسبون الوزير القديم الذي كانوا يتملقونه، وكذلك ببعض أعضاء الآحزاب السياسية المغربية الذين “يتكيفون” باستمرار مع القيادات ويظهرون لها إلولاء في انتظار رحيلها للتكيف مع من يأتي بعد ذلك.
هذا المرض الذي كان منتشرا في الآحزاب الإدارية وجد طريقه، في إطار ” المسلسل الديمقراطي” الذي فتح باب المنافع، إلى الآحزاب الآخرى، فاختلط الحابل بالنابل ووجدنا أنفسنا غرباء ومستغربين من هذا القدر من الانحطاط الآخلاقي الذي جعل ثقة الناس تصل إلى الصفر وعممت اليأس الذي اصطاد في مائه العكر الظلاميون.
محمد نجيب كومينة / الرباط