إدريس الأندلسي
في البدء، وجب التعريف بالغرب، الغرب هو أوروبا و تفريخاتها الإستعمارية في أمريكا و أستراليا و في الكثير من بقاع الأرض. من قتل و عذب و شوه ثقافة شعوب و استعبدها و خلق سوقا للعبيد لخلق ثروات و سرقة ثروات أخرى عبر عصابات قراصنة تحولت بعد الإجرام البحري إلى الاستيلاء على أسواق المال هو الغرب و مجرموه” مورغان و روك فلير و غيرهم ” ممن يلتصق اسمهم بمؤسسات المال و الأعمال هم في الأصل قراصنة من الدرجة الأولى . هؤلاء صنعوا الولايات المتحدة الأمريكية. و لكل من أراد التعرف على أصل قوة أصبحت أكبر من صانعتها المسماة الإمبراطورية البريطانية الرجوع إلى المراجع التاريخية التي كتبها الإنجليز.
بإسم حضارة غادرة و قوة لاستعمار شعوب، عاث الغرب فسادا في أمريكا و أستراليا و أفريقيا. قتلوا بالسلاح ملايين و قتلوا بالكحول ملايين و ابادوا وجود شعوب في قارات أستراليا و كندا و أميركا و غيرها. و هذا ما تفعله الصهيونية كصناعة امبريالية على مدى سنين من ذبح و تقتيل للأطفال و الرضع و الشيوخ و هذا تسمح به شرائعهم العنصرية و الهمجية . قال أحد حاخاماتهم قبل أيام أن قتل الأطفال أهم بكثير من قتل الكبار. و يقف زعماء الغرب وراء من شرعوا في إبادة الملايين دون ذرة خجل أو كلام عن حق الإنسان في الحياة و دون كلام عن الإستعمار و الاستغلال . و لهذا لا زال السكان الاصليون ممن سلموا من الابادة الإستعمارية في كافة القارات يعانون من قوة رفض حقوفهم في الأرض و البقاء فيها . هذا الغرب استعان بالكنيسة و بالباحثين الاجتماعيين لكي يهيؤوا الظروف المواتية للهجوم على أفريقيا و آسيا و أستراليا. و أستخدم الغرب كل مجرميه للهجوم على أراضي الغير و لا زال يفعل ذلك. الصهيونية صنع غربي و جرائمها غريية الفظاعات أمريكية الفتك و الاغتصاب.
و حين تحكموا، حاولوا صناعة القانون الذي يحفظ مصالحهم و حاولوا اقتلاع ثقافة الغير من محيطها و مكنوا قواتهم من قتل الشعوب و الاستيلاء على الأراضي و المناجم و المباني. لا أدري إن كان الأحفاد الذين يحكمون فرنسا و إنجلترا و كثيرا من دول الغرب على جهل أو تجاهل أو علم بمسلسل الابادة التي أدت إلى العنف الذي نعيشه. الحكام في أوروبا يعيشون على أسر غيرهم في سجون الإمبريالية و لكن لم تعد لهم قدرة على قول كلمة أمام اسيادهم الأمريكان. لم تعد لهم قدرة على التمييز و الإختيار الحر. انهكتهم أمريكا و أصبحوا أمام خيار واحد في مواجهة روسيا و إيران و سوريا و العالم الإسلامي و كل من أراد بناء قوة متحررة في أفريقيا .
كغيري من أبناء جيلي، كنت اثق نسبيا بالغرب و قيمه لمواجهة انظمتنا الدكتاتورية و الحاقدة على حقوق الإنسان . كنا نحلم بغد إنساني منفتح على الكون و على قيم حقوف الإنسان. كنا نكره العنف و ننادي بضرورة العمل النضالي من أجل السلام، و لكننا استهترنا بقوة ذكاء من كان له مشروع يعادي السلام و يحفر الخنادق لتحطيمه و لو استدعى الأمر خطابات ذات حمولة حقوقية في قشورها و امبريالية في صلبها. و كان صوت القنابل و الطائرات و التدمير أقوى من صوت الحكماء و الفلاسفة و الفنانين. قرر قائد الكتائب الصهيونية اغتيال من يؤمن بالسلام و حارب كل فلسطيني يرفع صوته ايذانا بالدخول إلى جنة السلام. و لكن الغدر الصهيوني قتل رابين و معه شيء قليل من الآمال في السلام و الأمن للجميع. و عاد الصهيوني إلى حقيقته و طبعه الدموي و سيطرته على حكومات الغرب التي أصبحت كالدمى بين يديه.
عربدة الصهيونية في يومنا هي القاعدة و هي الأصل في التربية على العنف. فرنسا تتألم لأن مواطنيها قتلوا أو أصبحوا ممن يعتبرون ضمن الرهائن، و فرنسا تعيش على إيقاع التنكر لماضيها. ماكرون يعلم المبتدأ و الخبر في تاريخ صراع قديم، لكنه يقدر خدمات قدمت له من أسر خدمت الصهيونية و لا زالت لديها القدرة على التحكم في مساره. و لكنه أصبح يتراجع و لو على مضض عن تحريم التظاهر ضد إجرام إسرائيل.
إسرائيل التي تتبجح بانتصارها على العرب و المسلمين كذبة تاريخية كبرى . حين ضربت سرايا القدس و تحركت القسام، تحركت معها حاملات الطائرات الأمريكية لخلق وضع جديد في الشرق الأوسط. إسرائيل لم تربح أية حرب ضد العرب. السبب معروف لدى السادات و الفلسطينيين ، و هو أن الفلسطينيين كانوا يقاتلون فرادى في وجه الامريكان و الإنجليز بينما كان أحفاد الصهيونية ينتظرون الخلاص خلف زعماءعصاباتهم. و اليوم يصل العجوز بايدن لكي يتجاهل 500 قتيلا في مستشفى و يتنكر لكل المبادىء الانسانية . خدمة الاغتناء بشهية فلسطين لن يؤثر عن على قوة المحافظة على إرث الفلسطينيين.
زيادة درجة الإجرام و التقتيل عرى على الوجه الحقيقي للصهاينة و تسرب بعض الحرج لمسانديهم في أمريكا و أوروبا. قصف المدنيين الفلسطينيين أخرج الآلاف في فرنسا و انجلترا و أمريكا. و تعالت أصوات بعض اليهود لتفضح المجرمين الذين يحكمون و يبيدون شعبا لا يحمل سلاحا. العالم يرى على المباشر جرائم الصهيونية و قتلها للأبرياء من أطفال و شيوخ و نساء. و يقف أحد الحاخامات المجرمون ليؤكد أن قتل الأطفال الفلسطينيين واجب حسب بعض نصوص التوراة. و يؤكد على أن هذا الفعل الإجرامي هو الوسيلة للقضاء على من يعادي أسطورة أرض الميعاد. و لكن هيهات هيهات أيها الصهاينة. لن تستطيعوا أنتم و أمريكا إسكات صوت الفلسطيني، فهو الأصل و أنتم الشتات. موت فلسطيني واحد يوازيه مولد المئات من حاملي رسالة التحرير.
الصهاينة و المتصهينون يعيشون أصعب أوقاتهم لأنهم محتلين لأرض فلسطينية. كثير هم اليهود الذين أصبحوا على تناقض مع جرائم الصهيونية في تل أبيب و القدس و عسقلان و حيفا. اكتشفوا زيف الوعود و رأوا فظاعات جيشهم الجبان الذي يتقن التصويب على بعد أمتار مستهدفا صدر طفل فلسطيني أعزل و لكن هذا الجبان و أصبح يخشى عواقب إجرام يتفاقم و ظلم يستمر. اليوم بدأ مسلسل الانتفاضة بين يهود إسرائيل و انطلق مسلسل التفكك. تظاهرات نيويورك و لندن و برشلونة و باريس و كثير من الدول و حتى من داخل إسرائيل تبين أن العالم بدأ يتحرر من سيطرة الصهاينة على وسائل الإعلام. أصواتهم النشاز في فرنسا، على سبيل المثال، بدأت في الافول و انخفض منسوب تأثيرها على الرأي العام. و اليوم أسقطت مجلس الدولة قرار منع المظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني رغم كل العنصريين المسيطرين على القنوات التلفزية و الإذاعية. صحيح أن الشعب الفلسطيني يعاني في غزة و لكن هذه المعاناة لها ما بعدها. جبناء إسرائيل يحتمون بحاملات الطائرات و لكن المعركة طويلة و لن يتحملها من غرر بهم ليعيشوا على أرض شعب تم تهجيره و سجنه و سلبه أدنى شروط العيش. غدا تبدأ هجرات الآلاف من إسرائيل إلى بلدانهم الأصلية في شرق أوروبا و إلى غرب أوروبا. الشهادات كثيرة على عدم قدرتهم على تحمل العيش في بلد تديره المخابرات و الجيش و يعيش شبابه على إيقاع التجنيد الإجباري المتواصل و دفع ثمن حلم استعماري. الصهاينة دخلوا في معاداة اسراهم لدى حماس و اعتبروهم مجرد رقم في معركة غزة. لكل هذا تعتبر هذه المرحلة من تاريخ فلسطين بداية خلاص من استعمار غاشم و عنصري و مدعوم من غرب يشارك في الجريمة منذ أكثر من سبعين سنة. و ستكون بداية محاسبة عسيرة لمجرمي الحرب و لمن حماهم و سلحهم و ساعدهم على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.