إدريس بوطور
( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا ، وقاربوا ، وأبشروا ).
إنه حديث شريف من كلام خير البرية عليه الصلاة والسلام ، والذي صححه وأخرجه الإمام البخاري. وقبل تسليط قليل من الضوء على مغزاه وأهدافه ،ونظرا لكوني لا أتوفر على تقنية الشكل ،فسأقدم بعض التوضيحات اللغوية لكلمات الحديث تفاديا لقراءته قراءة غير صائبة .(لن يشاد الدين أحد) ، “يشاد” بفتح الدال وتشديدها أي يغالب ويحاول التحمل ، “الدين” بفتح النون لأنه مفعول به مقدم ، “أحد” بتنوين الضم لحرف الدال لأنه فاعل مؤخر ، “سددوا ” أخلصوا النية والطوية،”قاربوا” بكسر الراء اعملوا بالأيسر والأقرب وما في المتناول ، “أبشروا” تفاءلوا خيرا ** بعد هذه الإشارات التوضيحية يتبين لنا من خلال هذا الحديث أن نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام نهى عن تحمل الإنسان فوق طاقته في أداء العبادات. فإذا كانت النية والطوية خالصة لوجه الله، فإن أجر العبادة ثابت ولو بأيسرها لأن الإسلام بني على اليسر . فالزكاة لا تجب على الفقير ، والصوم لا يجب على المريض، ومن لم يستطع الصلاة واقفا فليصل جالسا ، والحج لمن استطاع السبيل،فالإجهاد في أداء العبادات قد يؤدي الى العجز النسبي أو النهائي عن أدائها ، وفي المقابل إذا تفاعل معها برفق ولطف وحسب طاقته فإن أداءها يدوم ويستمر . جاء في تحقيق وتمحيص ابن حجر لهذا الحديث أن من لا يترفق بنفسه في عبادته كالمسافر الذي يتوقف كثيرا في سفره لينقطع الى صلاة التطوع ، فلا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى . وليس المقصود منع التطوع والنوافل في العبادة ، بل المقصود هو تفادي الإفراط ومحاولة التحمل فوق الطاقة . جاء في قول خير البرية عليه الصلاة والسلام(إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق)”أوغلوا” تعني “اخترقوا” ، وقوله عليه الصلاة والسلام أيضا(القصد القصد تبلغوا) و”القصد” بفتح القاف والدال هو الرفق بالنفس الإنسانية** وأختم هذه الاستشهادات بقوله عز وجل ولم يزل قائلا عليما (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )/