آخر الأخبار

الـــســـقـــاؤون

المبارك الگنوني

هذه المقالة المتواضعة جدا هي نبش في ذاكرة حينا “سيدي بن سليمان” في الخمسينات موجهة بالخصوص الى الشباب الذي لم يعش هذه الفترة ولم يتحمل مشقة جلب الماء للمنزل بواسطة سطلين وسركوس.ارتبطت بمياه الشرب مهنة قديمة، ظلت سائدة في المغرب حتى عهد قريب، ثم اختفىت و انقرضت لِتَطوُّر الحياة واستغناء الناس عن هذه المهنة القديمة. مهنة السقاء “أو الكراب”، تلك المهنة التي كانت مطلوبة وسائدة في المجتمع المغربي في فترات سابقة قبل إنشاء محطات وشبكات المياه الداخلية في المدن الكبيرة، ودخول المياه إلى البيوت.أما الوسيلة لنقل المياه فكانت القِرَب المصنوعة من جلد الماعز، والمملوءة بالماء العذب،الذي يجلبه السقاؤون من السقايات الموجودة بالحي إما على ظهورهم أو فوق دابة، وقد تكون الوسيلة سطلين كبيرين مملوئين بالمياه.وقد أمدتنا كتب الفقه والحسبة بالشروط العديدة التي يجب أن تتوافر في السقائين، حيث كان يحددها المحتسب ويطالبهم بها ويحاسبهم على بعض المواصفات، أهمها: أن يكون أميناً لأنه يذخل البيوت ويعرف أسرارأهله ، وحريصاً على عدم تَلوّث المياه أثناء نقلها من السقايات أوالخطارات إلى المنازل، وأن تكون القربة غير مصبوغة لكي لا تتلوث المياه باللون.كانت حومة سيدي بن سليمان تتوفر علي ثلاث سقايات إضافة الى سقايتين بسيدي أحمد السوسي لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب.بمذخل قاع السوركانت توجد أكبر سقاية بالحي،بها مكان للتزود بالماء المنهمرليل نهارقبل وضع الصنابرفي بداية الستينات، وصهريج كبيركنا نستحم فيه أيام الحر في بداية الخمسينات.قد يتسائل بعضكم لماذا يصلح هذا الصهريج؟ منه كانت تشرب الأبقارالتي كانت تربي في بعض البيوت التي تزود الحي بالحليب والزبدة.كلنا يتذكر”ولد مولات الحليب”بقاع السور. كما كانت تشرب من هذا الصهريج الإبل والأبقار التي كانت تملكها عائلة “الثبر” والتي كانت تحول لحومها وشحمها الي “خليع” يزود سكان المدينة .أمَامَ الصهريج مكان مبلط بالحجارة يستعمل لغسل الملابس والأغطية الصوفية أي “البطانيات”. تعاقب على سيدي بن سليمان خمسة سقائين،أولهم السي أبراهيم الملقب” بكري”والذي كان يقطن بالدريبة الجديدة قرب منزل مولاي إدريس ابن مولاي هاشم رحمهم الله.سي ابراهيم هذا كان حارس مرمي بفريق”لايسم” سنة 1947.كان رحمه الله يحمل القربة فوق ظهره،أما أبا حمو فكان يستمعل حماره لنقل قربته ثم جاء المكني “بوديينة” والبارودي و”دادا”وهؤلاء الثلاثة يستعملون السطول لنقل الماء الى البيوت.رحمهم الله جميعا.