إدريس الأندلسي
قال بعض المؤرخين و الأدباء النافذين إلى بعض المجالس أن بعض سادة الزمان يحبون ” الفابور” أي الحصول على سلع و خدمات و هدايا دون أداء من جيبهم. الهمزة هي استغلال الفرص و الحصول على مزايا من اراض و شقق و أسفار و هدايا لمجرد اقتراب مخطط له من ذوي سلطة القرار. مظاهر “الفابور و الهمزة” كثيرة في بلادنا و نتائجها مراكمة ثروات و شيوع سلوكات انتهازية و كثير من التناقض في خطاب ذلك الذي يسعى للحصول على الانتفاع بسلعة أو خدمة دون أن يدفع من حر ماله و لو مثقال ذرة.
كثر الحديث خلال مشاركة بلادنا المشرفة جدا في مونديال قطر 2022. جمهورنا كان في مستوى عال من الدعم للمنتخب المغربي. حضر بكثير الفاعلية في الملاعب و كان صوته الجهوري يزعزع المكان و الزمان و الخصوم بكلمة السر ” سير سير سير” . هذا الجمهور اقترض بعض المال و تكبد عناء السفر و بحث عن تذكرة الدخول إلى الملعب. و في نفس الوقت قيل الكثير عن ما يسمى بضيوف جامعة كرة القدم. و بالطبع لا يمكن للضيوف إلا أن يكونوا من علية القوم و بالطبع أيضا أن يتم تخصيص تذاكر الطائرة لهم و لذويهم و استضافتهم في الفنادق و تخصيص مقاعد في الملاعب لكي لا يتزاحموا مع المشجعين المواظبين و المهووسين بحب المنتخب و التضحية بالغالي و النفيس من أجل دعمه حيثما حل و ارتحل.
أصحاب الفابور و الهمزة رجال سياسة و أعمال طالما سمعناهم يتبجحون عبر الخطاب عن مبادىء المساواة و عدم استغلال المال العام و إنصاف الفقراء و دعم كل الارادات الهادفة لاقرار العدالة الإجتماعية. لكل هذا أصبح من اللازم محاسبة من يستعمل المال العام لإرضاء ذوي النفوذ. غريب جدا أن ترى غنيا مترفا يسعى للحصول على سفريات مكلفة على حساب دافعي الضرائب و يجد من يستجيب لنزواته و رغباته في تحقيقها بالفابور.
هل هؤلاء المغاربة من صنف الفابور لا يستحقون الإحترام. تجدهم في أعلى الهرم الحزبي و الجمعوي و النقابي و الثقافي و حتى في عالم التجارة و المال. الفابور فيروس أخطر من الكوفيد لأنه يتغدى على المال العام و يحب الظهور بمظهر الطهور. نعم فرحنا كثيرا كشعب و كوطن بفريقنا الوطني الذي عبر نجومه عن استغناءهم عن أية مكافأة مالية. حب الأوطان من الإيمان و ليس مجرد انتهاز لفرص عن طريق الفابور. و ليت تقريرا سيصدر بعد المونديال عن الضيوف الكبار و تكلفة إقامتهم بقطر. مطلوب أيضا تقرير شفاف عن قضية التصرف في تذاكر الولوج إلى الملاعب و محاسبة من أفسد فرحة الجماهير و سمعة بلد تقدره الأمم و تقدر جهوده من أجل التنمية و العدالة الإجتماعية.