الصورة ليست من المغرب بكل تاكيد، لكن مثيلاتها يمكن ان توجد في حواضرنا السائرة نحو التمدن بطرق ترسخ الاقصاء والغيتوات وفي عالمنا القروي الذي يراوح مكانه ويذكرنا في حالات بما كانت عليه البشرية في القرون الوسطى والغابرة.
الفرح الطفولي في الصورة يدين السياسات والممارسات والسلوكات التي تجعل الاحساس بالحرمان، وهو ماتعكسه الصورة، يضاعف الحرمان في الواقع وينتج تعقيدات مختلفة، نفسية وغيرها.
في المجتمعات التي تدار امورها لصالح فئة واحدة طاغية، مسيطرة على الثروة والسلطة، لا يكون الفقر والحرمان نتاجان لمشاكل وتعقيدات مسار التنمية، وانما ينتجان عن اختيار طبقي يقوم على اعتبارهما ضروريين للحفاظ للاثرياء على ثرواثهم وزيادة وزنها وحجمها، نظرية الايطالي باريتو في اشكالها المتطرفة، فكل توزيع هو اضرار بتلك الثروات. لننظر الى ما يمرر في نظامنا الضريبي مند عقود، والذي يتم التفاوض بشانه من المسيطرين على الثروة وعلى مختلف اقبية السلطة دون غيرهم عكس كل الادعاءات.
ولننظر الى تطور مدننا وبنياتنا التحتية وسياساتنا التعليمية والصحية وغيرها وسنكتشف بسرعة ان كل شئ يدار من طرفهم من اجل انفسهم بعجرفة الراسماليين ذوي الثراء الطارئ والمتاتي في كثير من الاحيان من ممارسات تتراوح بين الفساد والممارسات الاجرامية المختلفة.
الحرمان وصمة عار في جبين من يركزونه ويستمرون في توليده وليس قدرا او نتاج تطور تلقائي او طبيعي. الحرمان يكبر عندما تكبر السرقات والممارسات الغارقة في الفساد وتحظى بالحماية او الدعم. تفاجات حين عرفت ان ملف كازينو السعدي بمراكش مثلا لم يحسم الا مؤخرا، بعد 15 سنة، وملف الضمان الاجتماعي كذلك وهناك ملفات اخرى دخلت دائرة النسيان، وهناك ملفات لم تثر اصلا او استهلكت اعلاميا ثم طويت.
اباء وامهات واخوان واخوات الاطفال المحرومين يمكن ان يجدوا انفسهم محرومين ايضا من الحق في اللقاح ضد الفيروس اللعين اذا اعمل المنطق الذي تحدث به وزير الصحة واذا ترك للتجار والفاسدين باب لممارسة ما الفوه من ممارسات مستهينة بالحد الادنى من حقوق الفقراء والمحرومين والمحكورين.
محمد نجيب كومينة / الرباط