تنشر جريدة نيويورك تايمز مقالين كل اسبوع لبول كروغمان، الحائز على نوبل للاقتصاد، يحظى بمتابعة كبيرة داخل الولايات المتحدة وخارجها نظرا لكون الرجل واحدا من كبار الباحثين في ميدان الاقتصاد مند اكثر من 40 سنة واحد المراجع فيما يتعلق بالتجارة الدولية، لكن وايضا لان الرجل يمثل اليوم احد رموز اليسار امريكيا وعالميا الذين عملوا على تجاوز عدد من الاشكالات التي واجهت اليسار العالمي مند سقوط جدار برلين ونهاية الاتحاد السوفياتي ليس في الميدان الذي يتفوق فيه وحسب، بل وايضا في ميدان الفكر والايديولوجيا. وكتابه عن “ضمير يساري” يستعرض فيه رؤيته للعالم ولبلده ومواقفه من عدة قضايا. فكرته لخصها في احد مقالاته في جملة دالة :”ان تكون يساريا معناه ان تناهض كل ماهو محافظ”
وقد اختار السير بالفعل السير على هذا الطريق وناهض بوش كما ناهض ترامب وهاجمهما بشراسة وتصدى باستمرار الى افكار ومواقف الحزب الجمهوري والجماعات الفاشية والعنصرية، ولم يتردد قط في تسمية الاشياء بمسمياتها، بما في ذلك لما انتقد حدود اجراءات اوباما او معاملة الاتحاد الاوروبي لليونان…الخ، ومع ذلك لم اسمع او اقرا ان احدا من اليساريين واليمينيين اتهمه بالحقد الايديولوجي، هذا التعبير المخادع الذي استلفه بعض المحسوبين على اليسار هنا من اسلاميين يوحون انهم خارج الايديولوجيا.هناك فرق جوهري بين الموضوعية، على فرض انها غير نسبية والتقل وبين المحاباة وحتى الخدمة غير المكشوفة. وهناك فرق بين وضوح الفكر وبين اللعب على الحبال .وبصراحة، يفاجؤني هذا البعض كل مرة بخرجات لا افهمها لتولي الدفاع عن الاسلاميين وحتى كيل الاتهامات لمن ينتقذهم او يصارعهم فكريا وايديولوجيا متعمدين خلق الخلط من خلال التعالم احيانا والمصادرة على المطلوب في غالب الاحيان.
وفيما يخصني شخصيا، اؤكد لهؤلاء الرفاق السابقين والرفيقات السابقات انني من نوع بشري لا يحب العيش في الخلط، ولا اتردد في التعبير عن موقف تبلور لدي وفي مراجعته ايضا اذا تبين لي خطاه، لكن خط تفكيري يبقى تقدميا ومناهضا للمحافظة والمحافظين، اينما وجدوا، ومناقضا للتلفيق بكل اشكاله، ولاشئ اخافني من قبل كي اخاف اليوم، ولا شئ يغريني اليوم اكثر من رؤية بلدي تسير بخطى تابثة على طريق التقدم والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحق كي تعيش فيه الاجيال الصاعدة والقادمة دون شعور بالظلم او الحاجة والاقصاء.
وبعيدا عن الخوض في النوايا او محددات بعض الافكار والمواقف، اجدني الان لا افهم كل هذه الحماسة المنقطعة النظير التي يبديها البعض في دفاعه عن رجل يروج لما من شانه ان يتسبب في كوارث انسانية باسم حرية التعبير والدعوة الى مجادلة الفايد بالحجة والعلم، بينما يعرف الجميع ان النقاش الذي فتحه ليس علميا بالمرة وفيه مايسئ لسمعة العلم والعلماء المتخصصين في التغذية، وانا وغيري لسنا منهم، فهل من الحرية في شئ دعوة المرضى لسلوك انتحاري؟ وهل من الحرية في شئ دعوة الناس الى اشياء بدائية وبدوية من شانها ان تلحق بهم اضرار بليغة؟ وهلا يشكل الخلط بين العلم والدين تركيبة متفجرة ؟ وهل من الحرية في شئ انتحال صفة؟
مجرد ملاحظات ادونها، ولست معنيا باي عريضة او دعوة قضائية، لان الامر يعني ممارسي الطب والمتخصصين في التغذية الذين اعتبرهم الفايد لاشئ مقارنة مع شخصه وعظمته، كما اعتبرنا نحن الذين انتقذنا دعايته لاشئ مقارنة مع فخامته التي يلهت بها شعبه.
مجرد ملاحظات اردت تدوينها،
محمد نجيب كومينة / الرباط