آخر الأخبار

الفساد والتنمية المعاقة في المغرب

تعتبر التنمية تحولًا شاملًا في مختلف المجالات، وتسعى الدول النامية إلى تحقيق تنمية مستدامة تلبي تطلعات شعوبها خاصة الدولة الإفريقية . منذ استقلاله، بذل المغرب جهودًا كبيرة لتحقيق هذه الغاية عبر سياسات ومبادرات تنموية مختلفة ومع ذلك، يبقى السؤال: لماذا لم تتحقق التنمية المنشودة رغم هذا المسار الطويل من التنمية ؟
يُعد الفساد بصيغة العموم من أهم العوائق التي تعرقل التنمية في المغرب، إذ يقوّض الجهود المبذولة ويضعف ثقة المواطنين في المؤسسات. وقد علق المغاربة آمالًا كبيرة على دستور 2011، الذي أكد على مبادئ الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، وتم بموجبه إقرار آليات جديدة لمكافحة هذه الظاهرة.
في عام 2018، تم اتخاذ خطوات جادة لتعزيز الشفافية والحد من الفساد من خلال إطلاق استراتيجية وطنية لمحاربته. ونتيجة لذلك، شهد المغرب تحسنًا بثلاث نقاط في مؤشر إدراك الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، منتقلاً من 40/100 سنة 2017 إلى 43/100 سنة 2018، ليحتل المرتبة 73 عالميًا من أصل 180 دولة. هذا التحسن جعله في صدارة دول المغرب العربي، والسادس عربيًا، والتاسع إفريقيًا.
غير أن هذا التقدم لم يستمر، إذ شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا مستمرًا، حيث احتل المغرب في عام 2024 المرتبة 90 عالميًا بمعدل 37/100 وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية. يعكس هذا التراجع استمرار التحديات المرتبطة بتعزيز الشفافية والحكامة الجيدة، على الرغم من الجهود الحكومية المعلنة.
تكلفة الفساد في المغرب مرتفعة، إذ أفاد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد البشير الراشدي، بأن الفساد يستهلك ما بين 3.5% إلى 6% من الناتج الداخلي الخام، أي ما يعادل أكثر من 50 مليار درهم سنويًا. وتشمل انعكاساته السلبية سوء استغلال السلطة، ضعف الثقة في المؤسسات، تفشي المحسوبية والزبونية، وضعف الإنتاجية.
أثارت هذه الحقائق قلق الحكومة، التي أبدت تحفظها على نتائج التقرير، غير أن هذه الأرقام تعكس واقعًا يصعب إنكاره. فقد أصبح الفساد عائقًا رئيسيًا أمام التنمية، خاصة مع تداخل المال والسلطة، مما يحد من فاعلية الإصلاحات ويعطل المشاريع التنموية.
إن تداعيات الفساد متعددة، لا سيما على مستوى التنمية، حيث يشعر المواطنون بغياب أثر ملموس رغم الجهود التشريعية والمبادرات الإصلاحية. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسيؤثر ذلك سلبًا على مناخ الاستثمار وثقة المواطنين في المؤسسات، مما يجعل التنمية في المغرب معاقة إلى إشعار آخر. لهذا لابد من وضع مجموعة من الاليات الرقابية لمحاربة الفساد (يتبع…)